أحدها : أن آخر الفعل يسكّن لضمير الفاعل لئلا يتوالى أربع متحركات ، كضربت وضربنا ، ولم يسكنوه مع ضمير المفعول. نحو : ضربنا زيد ، لأنه في حكم المنفصل.
الثاني : أنهم جعلوا النون في الأمثلة الخمسة علامة رفع الفعل مع حيلولة الفاعل بينهما ، ولو لا أنه كجزء من الفعل لم يكن كذلك.
الثالث : أنهم لم يعطفوا على الضمير المتّصل المرفوع من غير توكيد ، لجريانه مجرى الجزء من الفعل واختلاطه به.
الرابع : أنهم وصلوا تاء التأنيث بالفعل دلالة على تأنيث الفاعل ، فكان كالجزء منه.
الخامس : أنهم قالوا : ألقيا وفقا ، مكان ألق ألق. ولو لا أن ضمير الفاعل كجزء من الفعل لما أنيبت منابه.
السادس : أنهم نسبوا : إلى (كنت) ، فقالوا : كنتي ، ولو لا جعلهم التاء كجزء من الفعل لم تبق مع النسب.
السابع : أنهم ألغوا (ظننت) إذا توسّطت أو تأخّرت ، ولا وجه إلى ذلك إلا جعل الفاعل كجزء من الفعل الذي لا فاعل له. ومثل ذلك لا يعمل.
الثامن : امتناعهم من تقديم الفاعل على الفعل كامتناعهم من تقديم بعض حروفه.
التاسع : أنهم جعلوا (حبّذا) بمنزلة جزء واحد لا يفيد مع أنه فعل وفاعل.
العاشر : أن من النحويين من جعل (حبّذا) في موضع رفع بالابتداء ، وأخبر عنه ، والجملة لا يصحّ فيها ذلك إلا إذا سمّي بها.
الحادي عشر : أنهم جعلوا (ذا) في (حبّذا) بلفظ واحد في التثنية والجمع والتأنيث كما يفعل ذلك في الحرف الواحد.
الثاني عشر : أنهم قالوا في تصغير (حبّذا) : ما أحيبذه! فصغّروا الفعل ، وحذفوا منه إحدى الباءين ، ومن الاسم الألف ، ومن العرب من يقول : لا تحبّذه ، فاشتقّ منهما ، انتهى. وهذه الأوجه مأخوذة من (سرّ الصناعة) لابن جنّي.
قاعدة : الأصل تقديم الفاعل وتأخير المفعول
الأصل تقديم الفاعل وتأخير المفعول ، قال ابن النحاس : وإنما كان الأصل في الفاعل التقديم ، لأنه يتنزّل من الفعل منزلة الجزء ، ولا كذلك المفعول. وقال ابن عصفور في (شرح المقرّب) : ينقسم الفاعل بالنظر إلى تقديم المفعول عليه وحده وتأخيره عنه ثلاثة أقسام :
١ ـ قسم لا يجوز فيه تقديم المفعول على الفاعل وحده ، وهو أن يكون