الإيجاب إلى النفي ، والهمزة تنقل من الخبر إلى الاستخبار ، واللام تنقل من النكرة إلى المعرفة.
فعلى هذا تكون (إلا) هي الأصل ، لأنها تنقل الكلام من العموم إلى الخصوص ويكتفى بها من ذكر المستثنى منه إذا قلت : ما قام إلا زيد. وما عداها مما يستثنى به فموضوع موضعها ، ومحمول عليها لمشابهة بينهما.
وقال ابن إياز : (إلا) أصل الأدوات في هذا الباب لوجهين :
أحدهما : أنها حرف ، والموضوع لإفادة المعاني الحروف : كالنفي ، والاستفهام ، والنداء.
والثاني : أنها تقع في أبواب الاستثناء فقط ، وغيرها في أمكنة مخصوصة بها ، وتستعمل في أبواب أخر.
قاعدة : الأصل في إلا وغير
قال أبو البقاء في (التبيين) : الأصل في (إلا) الاستثناء. وقد استعملت وصفا ، والأصل في (غير) أن تكون صفة ، وقد استعملت في الاستثناء ، والأصل في (سواء) و (سوى) الظرفية ، وقد استعملت بمعنى غير.
فائدة ـ أنواع الاستثناء : قال ابن الدهان في (الغرّة) : الاستثناء على ثلاثة أضرب : استثناء بعد استثناء ، واستثناء من استثناء ، واستثناء مطلق من استثناء.
فالاستثناء بعد الاستثناء : تكون إلا فيه بمعنى الواو. كقوله تعالى : (وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ ، لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ ، وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ، وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها ، وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ ، وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ ، إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) [الأنعام : ٥٩]. فكأنه قال : إلا يعلمها ، وهي في كتاب مبين.
والاستثناء من الاستثناء : كقوله تعالى : (إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ إِلَّا آلَ لُوطٍ ، إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ) [الحجر : ٥٨ ـ ٦٠] ، فتقديره : إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين لئلّا نبقي منهم أحدا بالإهلاك إلا آل لوط إنّا لمنجوهم أجمعين. ثم استثنى منه الموجب فقال : (إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ) فالأصل في هذا أن الذي يقع بعد معنى النفي يكون بإلّا موجبا ، وبعد معنى الموجب يكون منفيا.
وأما الاستثناء المطلق من الاستثناء فعليه أكثر الكلام. كقولك : سار القوم إلا زيدا.
قاعدة : ما يجب توفره ليعمل ما قبل إلا فيما بعدها
لا يعمل ما قبل (إلا) فيما بعدها ، إلا أن يكون مستثنى. نحو : ما قام إلا زيد ،