كما قال سليمان عليهالسلام : (هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي). (١)
ومن الطريف أنّ كثيرا من الآيات القرآنية توجّه خطابات حادة إلى النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وتعاتبه ليكون في أمره على حذر.
إنّ مجموع هذه الآيات والآيات السابقة هي وثيقة حيّة على أحقّية هذا النّبي العظيم ، وإلّا فما هو المانع من أن يدعي لنفسه المنازل العظيمة فوق ما يدركه البشر وهو يعيش في فئة تتقبل منه ما يدّعيه ومن دون احتجاج وتساؤل من الناس كما أشار التاريخ إلى ذلك في شأن الظالمين.
نعم ، إنّ هذا التعابير في مثل هذه الآيات تكون شواهد حيّة لأحقّية دعوة الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم.
٢ ـ ليس المهم الكم بل الكيف!
أخذ هذا الموضوع بنظر الإعتبار في كثير من آيات القرآن ، وهو أنّ طاغوت كل زمان يتظاهر بكثرة أعوانه ، كما في شأن فرعون عند ما كان يستهين بمن مع موسى عليهالسلام فقال : (إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ) (٢) ، وقال مشركو العرب : (نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) وكان المعاند يتظاهر بأمواله وأعوانه ، ويفتخر بذلك ليغيظ به المؤمنين ، ويقول : (أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً وَأَعَزُّ نَفَراً). (٣)
ولم يكن المؤمنون السائرون على خط الأنبياء يتأثرون بمظاهر الثروة وغيرها ، بل كان قولهم هو : (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ). (٤)
ويقول أمير المؤمنين عليهالسلام : «أيّها الناس لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلّة
__________________
(١) النمل ، ٤٠.
(٢) الشعراء ، ٥٤.
(٣) الكهف ، ٣٤.
(٤) البقرة ، ٢٤٩.