عباده المؤمنين ، ليتحقق الاختبار الإلهي للبشرية ، وإلّا فلم يؤثر الاختبار.
«أمد» : على وزن (صمد) وتعني الزمان ، وعلى ما يقوله الراغب في مفرداته : إنّ هناك اختلافا بين الزمان والأمد ، فالزمان يشمل الابتداء والانتهاء ، وأمّا الأمد فإنّها الغاية التي ينتهي إليها.
وقيل أيضا بتقارب المعنى في الأمد والأبد مع اختلاف ، وهو أنّ الأبد يراد به المدّة غير المحدودة ، وأمّا الأمد فهي المدّة المحدودة وإن طالت.
وعلى كل حال ، فإنّنا كثيرا ما نواجه مثل هذه المعاني في آيات القرآن ، وعند ما يسأل الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم عن يوم القيامة يجيب بأنّه ليس لهم علم بذلك ، وأن علمه عند الله ، وورد في حديث أنّ جبرئيل عليهالسلام ظهر عند النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على هيئة أعرابي ، فسأله عن الساعة ، فقال النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ما المسؤول عنها بأعلم من السائل» فأعاد عليه السؤال رافعا صوته : يا محمّد متى الساعة؟ فقال النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ويحك ، إنّها كائنة فما أعددت لها؟» فقال الأعرابي : لم أعد كثيرا من الصلاة والصيام ، ولكن أحبّ الله ورسوله ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «فأنت مع من أحببت» ، فقال أنس (وهو أحد الصحابة) : فما فرح المسلمون بشيء كفرحهم بهذا الحديث. (١)
ثمّ يبيّن في هذا الحديث قاعدة كلية بشأن علم الغيب فيقول : (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً). (٢)
ثمّ يضيف مستثنيا : (إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ).
أي يبلغه ما يشاء عن طريق الوحي الإلهي : (فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً).
__________________
(١) تفسير المراغي ، ج ٢٩ ، ص ١٠٥.
(٢) عالم الغيب خبر لمبتدأ محذوف ، والتقدير : هو عالم الغيب ، وقيل : صفة أو بدل لربّي في الآية السابقة.