هذه النعم ، أم أنّه أمر من الله تعالى؟ ولكن يجب أن يلاحظ أنّ مثل هذه الأوامر التي تقال عند الاستقبال هو نوع من الطلب للشخص المضيّف ، وأنّها تقال لتعظيم الضيوف واحترامهم ، والمضيّف يحب أن يؤكل طعامه أكثر لإكرام ضيفه أكثر.
ثمّ تؤكد الآية الأخرى على مسألة النعم وأنّها لا تمنح اعتباطا فيضيف : (إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ).
الظريف أنّ في الآية الأولى تأكيد على «التقوى» ، وفي الآية التي تليها تأكيد على «العمل» ، وأمّا في هذه الآية فقد أكّد على «الإحسان».
(التقوى) : هي اتّقاء واجتناب الذنوب والفساد والشرك والكفر ، و «الإحسان» هو أداء كل عمل حسن ، و «العمل» يتعلق بالأعمال الصالحة ، ليتضح أنّ منهج النعم الإلهية مرتبط بهذه الجماعة فقط ، وليس بمن يدعي الإيمان الكاذب ، والملوثين بأنواع الفساد ، وإن كانوا في الظاهر من أهل الإيمان.
وفي نهاية هذا المقطع يعيد تلك الآية : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) الويل لمن يحرم من كل هذه النعم والألطاف ، إذ أنّ عذاب حسرات هذا الحرمان ليس بأقل من نيران الجحيم المحرقة!
وبما أنّ إحدى عوامل إنكار المعاد الاهتمام بلذّات الدنيا الزائلة والميل إلى الحرية المطلقة للانتفاع بهذه اللذّات ، ويتوجه بالحديث في الآية التالية إلى المجرمين بلحن تهديدي فيقول : كلوا وتمتعوا بالملذات الدنيوية في هذه الأيّام القلائل ، ولكن اعلموا أنّ العذاب الإلهي ينتظركم ، لأنّكم مجرمون : (كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ).
وقد يكون التعبير بـ (قليلا) إشارة إلى مدّة عمر الإنسان القصيرة في الدنيا ، وكذا المواهب الدنيوية التافهة مقابل النعم الأخروية اللامتناهية ، إلّا أنّ بعض المفسّرين يرى أنّ هذا الخطاب هو للمجرمين في الآخرة ، ولكن الالتفات إلى أنّ الآخرة ليس فيها متع من مواهب الحياة للمجرمين ليتمتعوا بها ، فينبغي ، القول بأنّ