تسلسل حياة الإنسان من نطفة حقيرة ، مرورا بما يطويه من صفحات الزمن العابرة ، حتى يموت ويقبر ، لكنّه .. (كَلَّا لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ) (١).
جاءت «لمّا» ، ـ التي عادة ما يستعمل للنفي المصاحب لما ينتظر ويتوقع ـ كإشارة إلى ما وضع تحت اختيار وعين الإنسان من نعم إلهية وهداية ربّانية وأسباب التذكير ، لأجل أن يرجع الإنسان إلى ما فطر عليه ويؤدي ما عليه من مسئولية وتكاليف ، ولكنّه مع كلّ ذلك فلا زال غير مؤد لما عليه!
وثمّة احتمالات فيمن عنتهم الآية :
الأوّل : إنّهم السائرون في طريق الكفر والنفاق ، إنكار الحق ، الظلم والعصيان ، بقرينة الآية (٣٤) من سورة إبراهيم : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ).
الثّاني : إنّهم جميع البشر .. لأنّ المؤمن والكافر يلتقون معا في عدم بلوغهما لدرجة العبودية الحقة والطاعة الكاملة التي تليق بجلالة وعظمة ولطف الباري جلّ شأنه.
* * *
__________________
(١) قيل : أتت «كلّا» هنا بمعنى (حقّا) ... إلّا أنّ سياق الآية وظاهر الكلمة لا يؤيدان ذلك ولعل المعنى المشهور (الردع) هو المطلوب ، لوجود الكثير ممن يعتقد مغرورا ومدعيّا بأنّه قد أدّى وظائفه الشرعية على أتمّ أداء ، فتأتي الآية لتقول رادعة بأنّه لم يؤد وظائفه بعد.