بضرورة شكر المنعم الواهب ، وهذا الإحساس بدوره سيدفع الإنسان ليتقرب في معرفة بارئه ومصوّره.
وشرعت الآيات بقولها : (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ) (١) كيف خلقه الله تعالى؟!
الغذاء من أقرب الأشياء الخارجية من الإنسان وأحد العوامل الرئيسية في بناء بدنه ، ولولاه لتقطّعت أنفاس الإنسان وأسدلت ستارة نصيبه من الحياة ، ولذلك جاء التأكيد القرآني على الغذاء وبالذات النباتي منه من دون بقية العوامل المسخرة لخدمة هذا المخلوق الصغير في حجمه.
ومن الجلي أنّ «النظر» المأمور به في الآية جاء بصيغة المجاز ، وأريد به التأمل والتفكير في بناء هذه المواد الغذائية ، وما تحويه من تركيبات حياتية ، وما لها من تأثيرات مهمّة وفاعلة في وجود الإنسان ، وصولا إلى حال التأمل في أمر خالقها جلّ وعلا.
أمّا ما احتمله البعض ، من كون «النظر» في الآية هو النظر الظاهري (أي المعنى الحقيقي للكلمة) ، وعلى أساس طبي ، حيث أنّ النظر إلى الغذاء يثير إلى الغدد الموجودة في الفم لإفراز موادها كي تساعد عملية هضمه في المعدة ، فيبدو هذا الاحتمال بعيدا جدّا ، لأنّ سياق الآية وبربطها بما قبلها وما بعدها من الآيات لا ينسجم مع هذا الاحتمال.
وبطبيعة الحال إنّ الذين يميلون إلى هذا الاحتمال هم علماء التغذية الذين ينظرون إلى القرآن الكريم من زاوية تخصصهم لا غير.
وقيل أيضا : نظر الإنسان إلى غذاءه في حال جلوسه حول مائدة الطعام ، النظر إلى كيفية حصوله ... فهل كان من حلال أم من حرام؟ هل هو مشروع أم غير
__________________
(١) يمكن اعتبار جملة «فلينظر» : جزاء شرط مقدّر ، والتقدير : (إن كان الإنسان في شك من ربّه ومن البعث فلينظر إلى طعامه).