وقد وصفت الآيات المبحوثة هؤلاء الملائكة بأنّهم «كرام» ، ليكون الإنسان أكثر دقّة في مراقبة نفسه وأعماله ، لأنّ الناظر كلّما كان ذا شأن كبير ، تحفظ الإنسان منه أكثر وأكثر واستحى من فعل المعاصي أمامه.
وعلّة ذكر «كاتبين» للتأكيد على إنّهم لا يكتفون بالمراقبة والحفظ دون تسجيل ذلك بدقّة متناهية.
وذكر : (يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ) تأكيد آخر على كونهم مطلعين على كلّ الأعمال وبشكل تام ، واستنادا إلى اطلاعهم ومعرفتهم يسجلون ما يكتبونه.
فالآيات تشير إلى حرية إرادة الإنسان ، وتشير إلى كونه مختارا ، وإلّا فما قيمة تسجيل الأعمال؟ وهل سيبقى للتحذير والإنذار من معنى؟
وتشير أيضا إلى جدّية ودقّة الحساب والجزاء والإلهي.
ويكفي فهم واستيعاب هذه الإشارات البيانية الرّبانية لإنقاذ الإنسان من وقوعه في هاوية المعاصي ، وتكفيه الإشارات عظة ليزكي ويعرف مسئوليته ويعمل بدروه.
* * *
بحث
كتبة صحائف الأعمال :
لم تكن الآيات المبحوثة الدليل الوحيد على وجود المراقبين لأعمال الإنسان ، والكاتبين لها بخيرها وشرّها ، بل ثمّة آيات كثيرة وروايات عديدة تناولت ذلك ... ومن جملة ما ورد من الأحاديث بهذا الشأن.
١ ـ سؤال عبد الله بن موسى بن جعفر عليهالسلام لأبيه عن الملكين .. هل يعلمان بالذنب إذا أراد العبد أن يفعله ، أو الحسنة؟
فقال الإمام عليهالسلام : «ريح الكنيف وريح الطيب سواء؟».