ملاحظتان
١ ـ أسلوب الإبلاغ ومنهجه
ما جاء في هذا الآيات حول دعوة نوح يمثل برنامج عام لجميع المبلغين في طريق الله ، وفي نفس الوقت تسلية النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه المؤمنين القلائل الذين كانوا قد التفوا حوله في مكّة.
إنّه عليهالسلام لم يكن يتوقع أن يستجيب الناس لدعوته ، ولم يكونوا يجتمعون في وسط المدينة ليلقي فيهم خطابه الإلهي بهدوء واطمئنان ، والناس يصغون إليه ، ويشخصون إليه أعينهم ، بل يستفاد من سياق الآيات (كما جاء أيضا في بعض الرّوايات) أنّه كان أحيانا يذهب إلى بيوتهم ، أو أنّه يدعوهم في الأزقة والأسواق على انفراد ، ويبلغهم المفاهيم ويتحدّث إليهم بتودد وتحبب وتصبر ، وأحيانا كان يخاطبهم بأوامر الله تعالى علنا وبصوت عال ، وذلك باغتنامه فرص انعقاد المحافل أو مجالس العزاء ، فكان يقابل بالإهانة والاستهزاء وأحيانا بالضرب المبرح ، ولكنّه مع ذلك كان لا ينتهي عن ذلك ويواصل مسيره.
كان صبره عجيبا ، والأعجب ما فيه رأفته ، وكانت همته واستقامته الفريدة رأس ماله في السير في طريق الدعوة إلى دين الحق.
والأعجب من ذلك هو أنّ طيلة دعوته التي دامت (٩٥٠) عاما لم يؤمن به إلّا ثمانون شخصا ، ولو قسمنا هذه المدّة على عدد الأنفار يتّضح لنا أنّ مدّة هدايته لكل فرد دامت اثنتي عشرة سنة تقريبا!!
لو كان المبلّغون يتعاملون بمثل هذه الاستقامة والهمة لأصبح الإسلام عالميا غني المحتوى.
٢ ـ لماذا الفرا من الحقيقة؟
يتعجب الإنسان أحيانا ويتساءل هل يمكن أن يكون هناك أناس يعيشون