ولدتكم أمهاتكم بهيئة الإنسان الكامل ، وهكذا تستمر المراحل الأخرى والمختلفة للمعيشة في الحياة ، وأنتم خاضعون دائما لربوبيته تعالى ، وتتجددون دائما ، وتخلقون خلقا جديدا ، فكيف لا تطأطئوا رؤوسكم أمام خالقكم؟
ولستم تتخذون أشكالا مختلفة من جهة الجسم ، بل أنّ الروح هي أيضا في تغيّر مستمر ، ولكلّ منكم استعداده الخاص ، ففي كل رأس ذوق خاصّ ، وفي كل قلب جحّ خاصّ ، وكلكم تتغيرون باستمرار ، فتنتقل مشاعر وأحاسيس الطفولة إلى أحاسيس الشبيبة ، وهذه بدورها إلى الكهولة والشيخوخة ، وعلى هذا فإنّه معكم في كلّ مكان هو يهديكم في كل خطوة ويشم لكم بلطفه وعنايته ، فلم كل هذا الكفران والاستهانة؟!
* * *
ملاحظة
الرّابطة بين التقوى والعمران :
نستفيد من الآيات المختلفة في القرآن ، ومنها الآيات التي هي محل بحثنا ، أنّ الإيمان والعدالة سبب لعمران المجتمعات ، والكفر والظلم والخطايا سبب للدمار ، نقرأ في الآية (٩٦) من سورة الأعراف : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ). وفي الآية (٤١) من سورة الروم نقرأ : (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) وفي الآية (٣٠) من سورة الشورى : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) وفي الآية (٦٦) من سورة المائدة : (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ).
وآيات أخرى من هذا القبيل.
هذه الرابطة ليست رابطة معنوية ، بل هناك رابطة مادية واضحة في هذا