مكانه (١).
«الصدع» : هو الشق في الأجسام الصلبة.
وبملاحظة معنى «الرجع» في الآية السابقة ، نصل إلى أنّ مراد الآية بالصدع هو شق الأرض اليابسة بالأمطار ، وخروج النباتات منها.
فالقسمان يشيران إلى إحياء الأراضي الميتة بالأمطار ، وهذا ما تكرر ذكره في القرآن الكريم كدليل على إمكانية المعاد ، كما في قوله تعالى في الآية (١١) من سورة «ق» : (وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ الْخُرُوجُ).
وهنا تتجسد بلاغة الأسلوب القرآني ، من خلال ربطه الدقيق فيما بين ما يقسم به وما يقسم له.
وبعبارة اخرى ، فالسّورة قد استندت إلى المقارنة فيما بين خلق الإنسان من نطفة وبين إحياء الأرض الميتة بالأمطار ، في استدلالها ، وجاء شبيه هذا الاستدلال في الآية (٥) من سورة الحج : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَ) (... وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ).
وقيل أيضا : إنّ الآية : (وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ) تشير إلى دوران الكواكب في مسارات معينة ، كدوران الأرض حول نفسها وحول الشمس ، وحركة الكواكب السيّارة للمنظومة الشمسية ، وكذلك شروق وغروب الشمس والقمر والنجوم ، حيث أنّ كلّ هذه الحركات تتضمّن الرجوع والعودة.
وهذا الرجوع علامة لرجوع النّاس العام إلى الحياة.
ولكن من خلال ما تقدم يظهر لنا أنّ التّفسير الأوّل أنسب وأقرب لقرائن السّورة ، حيث أنّه أشارة إلى مسألة شقّ الأرض مع أدلة المعاد.
__________________
(١) مفردات الراغب ، مادة (رجع).