البخلاء الخاوون من الإيمان يشقّ عليهم فعل الخير وخاصّة الإنفاق ، بينما هو للمجموعة الاولى مقرون باللذة والإنشراح. (١)
ثمّ يأتي التحذير لهؤلاء البخلاء المغفلين بالآية : (وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى).
لا يستطيع أن يصطحب ماله من هذه الدنيا ، ولا يستطيع هذا المال ـ إذا اصطحبه ـ أن يقيه من السقوط في نار جهنّم.
«ما» في الآية قد تكون نافية ، وقد تكون للاستفهام الإنكاري ، أيّ ماذا يجديه المال إذا سقط في حفرة القبر أو في هاوية جهنّم؟!
«تردى» من (الردى) بمعنى الهلاك ، وبمعنى السقوط من مكان مرتفع يؤدي إلى الهلاك ، وقيل إن أصل الكلمة بمعنى السقوط : ولما كان السقوط من مكان مرتفع يؤدي إلى الهلاك ، فقد أطلقت الكلمة وأريد بها الهلاك ، والتردي في الآية قد يعني السقوط في القبر ، أو في جهنّم ، أو بمعنى الهلاك الذي هو جزاء هؤلاء.
وبهذا ... تحدثت الآيات الكريمات عن مجموعتين : الاولى : مؤمنة ، تقية ، سخية ؛ والثّانية : خاوية الإيمان ، عديمة التقوى ، بخيلة ونموذج المجموعتين موجود في سبب نزول الآيات بوضوح.
المجموعة الاولى ، طوت طريقها بيسر بتوفيق الله ، واتجهت نحو الجنّة ونعيمها ، بينما المجموعة الثّانية ، واجهت في مسيرتها الحياتية المشاكل المتفاقمة جمعت الأموال الطائلة ، وتركتها وولت تجرّ أذيال الحسرة والهّم والويال ، ولم تنل سوى العقاب الإلهي.
* * *
__________________
(١) «اليسرى» مؤنث أيسر ، و «العسرى» مؤنث أعسر ، إنّما جاءا بصيغة المؤنث إمّا لأنّهما صفتان للأعمال والتقدير : فسنيسره لأعمال يسرى ... أو ـ لأعمال عسرى ، أو صفتان لحوادث الحياة ، وإن كان الموصوف مفردا فقد يكون «طريقة» أو «خلة».