وَتُزَكِّيهِمْ بِها ، وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) (١) ، أي تربيهم وتنميهم بها.
وللتأكيد على خلوص النيّة في إنفاقهم تقول الآية : (وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى) فلا أحد قد أنعم على هذا «الأتقى» ليكون إنفاقه جزاء على هذه النعمة.
بل هدفه رضا الله لا غير : (إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى).
بعبارة اخرى : كثير من الإنفاق بين النّاس يتمّ ردّا على إنفاق مشابه سابق من الجانب الآخر ، طبعا ردّ الإحسان بالإحسان عمل صالح ، لكن حسابه يختلف عمّا يصدر عن الأتقياء من إنفاق مخلص.
الآيات المذكورة أعلاه تقول : إنفاق المؤمنين الأتقياء ليس رياء ولا ردّا على خدمات سابقة قدمت إليهم ، بل دافعها رضا الله لا غير ، ومن هنا كان إنفاقهم ذا قيمة كبرى.
التعبير بكلمة «وجه» هنا يعني «الذات» ، أي رضا ذات الباري تقدست أسماؤه.
وعبارة «ربّه الأعلى» تشير إلى أن هذا الإنفاق يتمّ عن معرفة كاملة ... عن معرفة بربوبية الباري تعالى ، وعلم بمكانته السامية العليا ، وهذا الاستثناء ينفي أيضا كلّ نية منحرفة ، مثل الإنفاق من أجل السمعة والوجاهة وأمثالها ... ويجعله منحصرا في طلب رضا الله سبحانه (٢).
وفي خاتمة السّورة ذكر بعبارة موجزة لما ينتظر هذه المجموعة من أجر عظيم تقول الآية : (وَلَسَوْفَ يَرْضى).
نعم ، ولسوف يرضى ، فهو قد عمل على كسب رضا الله ، والله سبحانه سوف
__________________
(١) التوبة ، الآية ١٠٣.
(٢) «ابتغاء» منصوبة على الاستثناء ، والاستثناء في الآية منقطع ، أي إنّ المستثنى ليس من جنس المستثنى منه أي : ما لأحد عنده من نعمة إلّا ابتغاء وجه ربّه ، ويجوز أن يكون النصب على أنّ الكلمة مفعول له على المعنى ، لأنّ معنى الكلام ، لا يؤتى ماله إلّا ابتغاء وجه ربّه.