لمحاربتهم. فحثوا الخطى إلى منطقة العدو وطووا الطريق في الليل ، فحاصروا العدوّ ، وعرضوا عليهم الإسلام أوّلا ، وحين أبوا شنوا هجومهم والجوّ لمّا يزل في ظلام ، ودحروهم ، فقتلوا جماعة وأسروا النساء والأطفال وغنموا أموالا كثيرة.
ونزلت سورة «والعاديات» ، وجيوش الإسلام لم تصل إلى المدينة بعد ، وفي ذات اليوم صلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالنّاس الغداة وقرأ «والعاديات» ، فلما فرغ من صلاته قال أصحابه هذه سورة لم نعرفها ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «نعم إن عليّا ظفر بأعداء الله وبشرني بذلك جبرائيل عليهالسلام في هذه الليلة. فقدم علي بعد أيّام بالغنائم والأسارى (١).
وقيل : إن هذه الواقعة من المصاديق البارزة للآية وليست سببا لنزولها.
التّفسير
قسما بالمجاهدين الواعين :
قلنا إن هذه السّورة تبدأ بالقسم بأمور محفّزة منبّهة. تقسم أولا بالخيول الجارية المندفعة (إلى ميدان الجهاد) وهي تحمحم وتتنفس بشدّة :
(وَالْعادِياتِ ضَبْحاً). (٢)
ويمكن أن يكون القسم هذا بإبل الحجاج المتجهة من عرفات إلى المشعر الحرام ، ومن المشعر الحرام إلى منى وهي تتنفس بشدّة.
«العاديات» جمع عادية ، من «العدو» ، وهو المغادرة والابتعاد بالقلب.
فتكون «العداوة» أو بالحركة الخارجية فيكون (العدو) وهو الركض ، أو بالمعاملات فيسمى (العدوان). و «العاديات» في الآية هي الجاريات بسرعة ،
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ٢١ ، ص ٦٦ وما بعدها. و «مجمع البيان» ج ١٠ ، ص ٥٢٨. وبعض كتب التاريخ الأخرى.
(٢) القاعدة أن تكون : والعاديات عدوا ، ولكن «الضبح» لملازمته العدو ناب عنه ، فكانت والعاديات ضبحا. وقيل إن ضبحا مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره : والعاديات يضبحن ضبحا.