ولذلك لا يوجد في عالم الخلقة موجود يفصل بين قوسه الصعودي وقوسه النزولي هذا القدر من البون الشاسع. (تأمل بدقّة).
٣ ـ عظمة الجهاد
القرآن تعرض للحديث عن مسألة الجهاد وعظمة المجاهدين في سبيل الله في مواضع عديدة. ولكن الحديث في هذه السّورة فريد في تعظيمه للجهاد إذ عدّ حتى أنفاس خيل المجاهدين وشرر حوافرها والغبار الذي تثيره عظيمة استحقت أن يقسم بها.
وركزت الآيات بشكل خاص على السرعة والعمل الخاطف للمجاهدين باعتباره أحد عوامل النصر في الحروب ، وعلى المباغتة باعتبارها عاملا آخر من عوامل الإنتصار في الحرب.
وكلّ هذه تعاليم في منهج الجهاد.
ويلفت النظر في سبب نزول الآية أنّ عليّا عليهالسلام أمر أن تسرج الخيل في ظلام الليل وأن تعدّ إعدادا كاملا ، وحينما انفلق الفجر وزالت العتمة صلى بالنّاس الصبح ، وشنّ هجومه مباشرة ، وما أن انتبه العدوّ حتى وجد نفسه تحت وطأة خيل جيش الإسلام.
هذه الحملة السريعة المباغتة جعلت إصابات المسلمين أقلّ ما يمكن ، وحسمت الحرب خلال ساعات ، وهذه المسائل انعكست جميعا في آيات هذه السّورة بشكل دقيق رائع.
واضح أنّ محور التكريم في هذه السّورة ليس الخيل أو شرارة حوافرها أو الغبار المتصاعد من تحت أرجلها بل هو «الجهاد» ، ثمّ «عدّته» التي تشمل كلّ أنواع أجهزة الحرب في أي زمان ... تشمل كلّ أنواع «القوّة» المذكورة بشكل عام مطلق إلى جانب ذكر «رباط الخيل» في الآية (٦٠) من سورة الأنفال.