التّفسير
الويل للهمّازين واللمّازين :
تبدأ هذه السّورة بتهديد قارع وتقول :
(وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ...) لكلّ من يستهزئ بالآخرين ، ويعيبهم ، ويغتابهم ، ويطعن بهم ، بلسانه وحركاته وبيده ، وعينه وحاجبه.
«الهمزة» و «اللمزة» صيغتا مبالغة ، الاولى من الهمز ، وهي في الأصل الكسر.
العائبون المغتابون يكسرون شخصية الآخرين ، ولذلك اطلق عليهم اسم (الهمزة).
و «اللمزة» من اللمز ، وهو اغتياب الآخرين ، والصاق العيوب بهم.
للمفسّرين آراء متعددة في معاني هاتين الكلمتين ، هل معناهما واحد ، وهو المغتابون النّاس العائبون عليهم ، أو إنّ معناهما مختلف. قال بعضهم إنّ معناهما واحد ، وذكرهما معا للتأكيد.
وقيل : الهمزة هو المغتاب ، واللمزة : العائب.
وقيل : الهمزة هم العائبون بإشارة اليد والرأس. واللمزة من يعيب بلسانه.
وقيل : الاولى إشارة إلى العائب في حضور الشخص ، والثّانية للعائب في الغيبة.
وقيل : الاولى تعني العائب في العلن ، والثّانية للعائب في الخفاء ، وبإشارة العين والحاجب.
وقيل : إنّ الاثنتين بمعنى الذي ينبز النّاس بألقاب قبيحة مستهجنة.
وعن ابن عباس في تفسير الكلمتين قال : «هم المشاؤون بالنميمة ، المفرقون بين الأحبة ، الناعتون للناس بالعيب» (١).
يبدو أن ابن عباس استلهم هذا التّفسير من كلام لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث يقول :
__________________
(١) تفسير الفخر الرازي ، ج ٣٢ ، ص ٩٢.