والمشهور أنّ هذه الطير كانت تشبه الخطاطيف قدمت من صوب البحر الأحمر في اتجاه أصحاب الفيل.
(تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ) (١).
وكما ذكرنا في قصّة أصحاب الفيل ، فإنّ كلّ واحدة من هذه الطير كانت تحمل ثلاث حجارات أصغر من الحمصة ، واحدة في منقارها واثنين في ارجلها.
وما أن تسقط هذه الحجارة على أحد حتى تهلكه.
(فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ).
و «العصف» هو النبات الجاف المتهشّم ، أي هو (التبن) بعبارة اخرى. وقيل إنّه قشر القمح حين يكون في سنبله. والمناسب هنا هو المعنى الأوّل.
وقال «مأكول» إشارة إلى أنّ هذا التبن قد سحق مرّة أخرى بأسنان الحيوان ، ثمّ هشّم ثالثة في معدته ، وهذا يعني أنّ أصحاب الفيل ، قد تلاشوا بشكل كامل عند سقوط الحجارة عليهم.
وهذا التعبير إضافة إلى ما له من معنى الإبادة التامة ، يحمل معنى التفاهة والضعف ممّا صار إليه هؤلاء المهاجمون الطغاة المستكبرون والمتظاهرون بالقوّة.
* * *
بحوث
١ ـ المعجزة (للبيت ربّ يحميه)
القرآن الكريم يذكر هذه القصّة الطويلة في عبارات قليلة قصيرة قارعة ، وفي غاية الفصاحة والبلاغة ، ويركز على نقاط تساعد على تحقيق الأهداف القرآنية المتمثلة في إيقاظ المتعنتين المغرورين وبيان ضعف الإنسان أمام قدرة الجبار
__________________
(١) سجيّل كلمة فارسية مأخوذة من دمج كلمتين هما «سنگ» و «گل». وتعني الطين المتحجّر.