ثمّ العالم ممتلئ منهم ولم يبق من بني امية في الدنيا أحد يعبأ به ، ثمّ أنظر كم كان فيهم من الأكابر من العلماء كالباقر والصادق والكاظم والرضا عليهمالسلام والنفس الزكية وأمثالهم (١).
٢ ـ إعجاز السّورة
هذه السّورة تتضمّن في الواقع ثلاثة من أنباء الغيب والحديث عن المستقبل.
فهي أوّلا تتحدث عن إعطاء الخير الكثير للنّبي (أعطيناك الكوثر) وهذا الفعل وإن جاء بصيغة الماضي ، قد يعني المستقبل الحتمي الوقوع. وهذا الخير الكثير يشمل كلّ الانتصارات والنجاحات التي أحرزتها الدعوة الإسلامية فيما بعد. وهي ما كانت متوقعة عند نزول السّورة في مكّة.
من جهة اخرى ، السّورة تخبر النّبي بأنّه سوف لا يبقى بدون عقب ، بل إنّ ذريته ستنتشر في الآفاق.
ومن جهة ثالثة ، تخبر السّورة بأنّ عدوّه هو الأبتر ، وهذه النبوءة تحققت أيضا ، فلا أثر لعدوه اليوم ، بنو امية وبنو العباس الذين عادوا النّبي وأبناءه كانوا ذا نسل لا يحصى عدده ، ولم يبق اليوم منهم شيء يذكر.
٣ ـ «إنّا» بصيغة الجمع ، لما ذا؟
يلاحظ في السّورة وفي مواضع اخرى من القرآن أن الله سبحانه ذكر نفسه بصيغة الجمع (ضمير المتكلم مع الغير) : (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ).
هذا التعبير لبيان عظمته جلّت قدرته. فالعظماء حين يتحدثون عن أنفسهم ، فلا يعنون بشخصهم فقط بل يخبرون عمن تحت إمرتهم. وهي كناية عن القدرة
__________________
(١) تفسير الفخر الرازي ، ج ٣٢ ، ص ١٢٤.