الحرام وفيه الملأ من قريش ، فقام على رؤوسهم ، ثمّ قرأ عليهم حتى فرغ من السّورة فأيسوا عند ذلك ، فآذوه وآذوا أصحابه» (١).
التّفسير
لا أهادن الكافرين :
(قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) والخطاب إلى قوم مخصوصين من الكافرين كما ذكر كثير من المفسّرين ، والألف واللام للعهد. وإنّما ذهب المفسّرون إلى ذلك لأن الآيات التالية تنفي أن يعبد الكافرون ما يعبده المسلمون وهو الله سبحانه في الماضي والحال والمستقبل. والمجموعة المخاطبة بهذه الآيات بقيت بالفعل على كفرها وشركها حتى آخر عمرها. بينما دخل كثير من المشركين بعد فتح مكّة في دين الله أفواجا.
(لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ) فهذه مسألة مبدئية لا تقبل المساومة والمهادنة والمداهنة.
(وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) لما تأصّل فيكم من لجاج وعناد وتقليد أعمى لآبائكم ، ولما تجدونه في الدعوة من تهديد لمصالحكم وللأموال التي تدر عليكم من عبدة الأصنام.
ولمزيد من التأكيد وبث اليأس في قلوب الكافرين ، ولبيان حقيقة الفصل الحاسم بين منهج الإسلام ومنهج الشرك قال سبحانه :
(وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ ، وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) فعلى هذا لا معنى
__________________
(١) ذكر سبب النزول هذا كثير من المفسّرين على اختلاف يسير بينهم في العبارات منهم الطبرسي في مجمع البيان ، والقرطبي في تفسيره ، وأبو الفتوح الرازي في تفسيره ، والسيوطي في الدر المنثور.