٢ ـ أكان عبدة الأصنام منكرين لله؟
نعلم أن عبدة الأصنام لم يكونوا منكرين لله سبحانه ، والقرآن يؤيد ذلك في قوله سبحانه : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) (١).
كيف إذن تقول الآية الكريمة : (لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ ، وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ).
الجواب : أن الكلام في هذه السّورة يدور حول العبادة لا الخلقة ، ويتّضح أن عبدة الأصنام كانوا يعتقدون أن «الله» خالق الكون ، لكنّهم كانوا يرون ضرورة «عبادة» الأصنام كي تكون واسطة بينهم وبين الله ، أو لاعتقادهم بأنّهم ليسوا أهلا لعبادة الله ، بل لا بدّ من عبادة أصنام جسمية ، والقرآن الكريم يرد على هذه الأوهام ويقول : إنّ العبادة لله وحده لا للأصنام ولا لكليهما!
٣ ـ لم هذا التكرار؟
(لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ ... وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ) الآيتان تكرران معنى واحدا ، وهكذا (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ ... وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) تكررت أيضا ، لماذا؟ للمفسّرين في جواب هذا السؤال آراء مختلفة.
ذهب بعضهم إلى أن الهدف من التكرار التأكيد وبثّ اليأس في قلوب المشركين ، وفصل المسيرة الإسلامية بشكل كامل عن مسيرتهم ، وتثبيت فكرة عدم إمكان المهادنة بين التوحيد والشرك. بعبارة أخرى القرآن الكريم قابل دعوة المشركين إلى المساومة والمهادنة وإصرارهم على ذلك وتكرارهم لدعوتهم ، بتكرار في الردّ عليهم.
ورد أن «أبا شاكر الديصاني» وهو من زنادق عصر الإمام الصادق عليهالسلام سأل
__________________
(١) لقمان ـ ٢٥