«الكدح» : ـ على وزن مدح ـ السعي والعناء الذي يخلق أثرا على الجسم والروح ، ويقال : ثور فيه كدوح ، أي آثار من شدّة السعي.
وجاء في (تفسير الكشّاف) و (روح المعاني) و (تفسير الفخر الرازي) : الكدح : جهد النفس في العمل والكد فيه حتى يؤثر فيها ، من كدح جلده : إذا خدشه.
والآية تشير إلى أصل أساسي في الحياة البشرية ، فالحياة دوما ممزوجة بالتعب والعناء ، وإن كان الهدف منها الوصول إلى متاع الدنيا ، فكيف والحال إذا كان الهدف منها هو الوصول إلى رضوان الله ونيل حسن مآب الآخرة؟!
فالحياة الدنيا قد جبلت على المشقة والتعب والألم ، حتى لمن يرفل بأعلى درجات الرفاه المادي.
وما ذكر «لقاء الله» في الآية إلّا لتبيان أنّ حالة التعب والعناء والكدح حالة مستمرة إلى اليوم الموعود ، ولا يتوقف إلّا بانتهاء عجلة حياة الدنيا ، ولا فرق في توجيه معنى «اللقاء» سواء كان لقاء يوم القيامة والوصول إلى عرصة حاكمية الله المطلقة ، أو بمعنى لقاء جزاء الله من عقاب أو ثواب ، أو بمعنى لقاء ذاته المقدسة عن طريق الشهود الباطني.
نعم ، فراحة الدنيا لا تخلو من تعب ، والراحة الحقة .. هناك ، حيث ينعم الإنسان بين فيافي جنان الخلد.
وكان نداء الآية مخاطبا عموم «الإنسان» ، ليشير إلينا بأن الله عزوجل قد وضع القدرة والقوّة اللازمة لهذه الحركة الإلهية المستمرة في وجود وتكوين هذا المخلوق ، والذي جعل من أشرف المخلوقات قاطبة.
واستعمال كلمة «ربّ» فيه إشارة إلى ثمّة ارتباط ما بين سعي وكدح الإنسان من جهة وذلك البرنامج التربوي الذي أعدّه الخالق لمخلوقه في عملية توجيه الإنسان نحو الكمال المطلق من جهة اخرى.