هذه كلّها دلائل وحدانية ذاته. أمّا الدليل على عدم وجود أي تركيب وأجزاء في ذاته المقدسة فواضح ، إذ لو كان له أجزاء خارجية لكان محتاجا إليها طبعا.
والاحتياج لا يعقل لواجب الوجود.
وإذا كان المقصود أجزاء عقلية (التركيب من الماهية والوجود ، أو من الجنس والفصل) فهو محال أيضا. لأنّ التركيب من الماهية والوجود فرع لمحدودية الموجود. بينما وجوده سبحانه غير محدود. والتركيب من الجنس والفصل فرع من أن يكون للموجود ماهية. وما لا ماهية له ، ليس له جنس ولا فصل.
الثّاني : فروع دوحة التوحيد
تذكر للتوحيد عادة أربعة فروع :
١ ـ توحيد الذات : (وهو ما شرحناه أعلاه).
٢ ـ توحيد الصفات : أي إنّ صفاته لا تنفصل عن ذاته ، ولا تنفصل عن بعضها. على سبيل المثال العلم والقدرة في الإنسان عارضان على ذاته. ذاته شيء ، وعلمه وقدرته شيء آخر. كما إنّ علمه وقدرته منفصلان عن بعضهما.
مركز العلم روح الإنسان ، ومركز قدرته الجسمية ذراعة وعضلاته. لكن صفات الله ليست زائدة على ذاته ، وليست منفصلة عن بعضها. بل هو وجود كلّه علم ، وكلّه قدرة ، وكلّه أزلية وأبدية.
ولو لم يكن ذلك لاستلزم التركيب ، وإن كان مركبا لاحتاج إلى الأجزاء والمحتاج لا يكون واجبا للوجود.
٣ ـ التوحيد الأفعالي : ويعني أنّ كلّ وجود وكلّ حركة وكلّ فعل في العالم يعود إلى ذاته المقدّسة ، فهو مسبب الأسباب وعلة العلل. حتى الأفعال التي تصدر منّا هي في أحد المعاني صادرة عنه. فهو الذي منحنا القدرة والإختيار وحرية الإرادة. ومع أنّنا نفعل الأفعال بأنفسنا ، وأنّنا مسئولون تجاهها. فالفاعل