بحثان
١ ـ من هم أصحاب الأخدود؟
قلنا إنّ «الأخدود» هو الشق العظيم في الأرض ، أو الخندق .. وهو في الآية إشارة إلى تلك الخنادق التي ملأها الكفار نارا ليردعوا فيها المؤمنين بالتنازل عن إيمانهم والرجوع إلى ما كانوا عليه من كفر وضلال.
ولكن .. متى حدث ذلك؟ في أيّ قوم؟ وهل حدث مرّة واحدة أم لمرّات؟ في منطقة أم مناطق؟
جرى بين المفسّرين والمؤرخين مخاض طويل بخصوص الإجابة عن هذه الأسئلة.
والمشهور : إنّ الآية قد اشارت إلى قصة (ذو نواس) ، وهو آخر ملوك «حمير» (١) في أرض «اليمن».
وكان «ذو نواس» قد تهوّد ، واجتمعت معه حمير على اليهودية ، وسمّى نفسه (يوسف) ، وأقام على ذلك حينا من الدهر ، ثمّ أخبر أنّ «بنجران» (شمال اليمن) بقايا قوم على دين النصرانية ، وكانوا على دين عيسى عليهالسلام وحكم الإنجيل ، فحمله أهل دينه على أن يسير إليهم ويحملهم على اليهودية ، ويدخلهم فيها ، فسار حتى قدم نجران ، فجمع من كان بها على دين النصرانية ، ثمّ عرض عليهم دين اليهودية والدخول فيها ، فأبوا عليه ، فجادلهم وحرص الحرص كلّه ، فأبوا عليه وامتنعوا من اليهودية والدخول فيها ، واختاروا القتل ، فاتخذ لهم أخدودا وجمع فيه الحطب ، وأشعل فيه النّار ، فمنهم من احرق بالنّار ، ومنهم من قتل بالسيف ، ومثّل بهم كلّ مثلة ، فبلغ عدد من قتل واحرق بالنّار عشرين ألفا. (٢)
وأضاف بعض آخر : إنّ رجلا من بني نصارى نجران تمكّن من الهرب ،
__________________
(١) حمير : إحدى قبائل اليمن المعروفة.
(٢) تفسير علي بن ابراهيم القمي ، ج ٢ ، ص ٤١٤.