وتتجاوز أعدل الأصول ... وهو الثلاثيّ ـ إليها ، مسّها بقرباها منها قلّة التصرف فيها ؛ غير أنها فى ذلك أحسن حالا من ذوات الخمسة ؛ لأنها أدنى إلى الثلاثة منها. فكان التصرّف فيها دون تصرف الثلاثى ، وفوق تصرف الخماسىّ. ثم إنهم لما أمسّوا الرباعىّ طرفا صالحا من إهمال أصوله ، وإعدام حال التمكن فى تصرفه ، تخطوا بذلك إلى إهمال بعض الثلاثيّ ، لا من أجل جفاء تركّبه بتقاربه ؛ نحو سص ، وصس ؛ ولكن من قبل أنهم حذوه على الرباعىّ ؛ كما حذوا الرباعىّ على الخماسى ، ألا ترى أن لجع لم يترك استعماله لثقله من حيث كانت اللام أخت الراء والنون ، وقد قالوا نجع فيه ، ورجع عنه ، واللام أخت الحرفين ، وقد أهملت فى باب اللجع ؛ فدل على أن ذلك ليس للاستثقال ، وثبت أنه لما ذكرناه من إخلالهم ببعض أصول الثلاثى ؛ لئلا يخلو هذا الأصل من ضرب من الإجماد (١) له ، مع شياعه واطّراده فى الأصلين اللذين فوقه ؛ كما أنهم لم يخلوا ذوات الخمسة من بعض التصرف فيها ، وذلك ما استعملوه من تحقيرها ، وتكسيرها ، وترخيمها ؛ نحو قولك فى تحقير سفرجل : سفيرج ، وفى تكسيره : سفارج ، وفى ترخيمه ـ علما ـ يا سفرج أقبل ، وكما أنهم لما أعربوا المضارع لشبهه باسم الفاعل تخطّوا ذاك أيضا إلى أن شبّهوا الماضى بالمضارع ، فبنوه على الحركة ؛ لتكون له مزيّة على ما لا نسبة بينه وبين المضارع ، أعنى مثال أمر المواجه. فاسم الفاعل فى هذه القضية كالخماسىّ ، والمضارع كالرباعىّ ، والماضى كالثلاثى. وكذلك أيضا الحرف فى استحقاقه البناء كالخماسى فى استكراههم إيّاه ، والمضمر فى إلحاقهم إياه ببنائه ، كالرباعىّ فى إقلالهم تصرّفه ، والمنادى المفرد المعرفة فى إلحاقه فى البناء بالمضمر كالثلاثىّ فى منع بعضه التصرف ، وإهماله البتّة ، ولهذا التنزيل نظائر كثيرة. فأمّا قوله :
* مال إلى أرطاء حقف فالطجع (٢) *
__________________
(١) أى جعله جامدا غير متصرف.
(٢) عجز البيت من الرجز لمنظور بن حبة الأسدىّ فى شرح التصريح ٢ / ٣٦٧ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٥٨٤ ، وبلا نسبة فى التنبيه والإيضاح ٢ / ٢٣٤ ، والمخصص ٨ / ٢٤ ، وتاج العروس (أبز) ، (أرط) ، (ضجع) ، والأشباه والنظائر ٢ / ٣٤٠ ، وإصلاح المنطق ص ٩٥ ، وأوضح المسالك ٤ / ٣٧١ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٣٢١ ، وشرح الأشمونى ٣ / ٨٢١ ، وشرح شافية ابن ـ