* مروان مروان أخو اليوم اليمى (١) *
وهذا كله إعلال لهذه الكلم وما جرى مجراها. فلمّا كان انتقالهم من أصل إلى أصل ، نحو صبر ، وبصر ، مشابها للإعلال ، من حيث ذكرنا ، كان من هذا الوجه كالعاذر لهم فى الامتناع من استيفاء جميع ما تحتمله قسمة التركيب فى الأصول.
فلما كان الأمر كذلك ، واقتضت الصورة رفض البعض ، واستعمال البعض ، وكانت الأصول وموادّ الكلم معرضة (٢) لهم ، وعارضة أنفسها على تخيرهم ، جرت لذلك [عندهم] مجرى مال ملقى بين يدى صاحبه ، وقد أجمع إنفاق بعضه دون بعضه ، فميز رديئه وزائفه ، فنفاه البتة ، كما نفوا عنهم تركيب ما قبح تأليفه ، ثم ضرب بيده إلى ما أطف له من عرض جيّده ، فتناوله للحاجة إليه ، وترك البعض ؛ لأنه لم يرد استيعاب جميع ما بين يديه منه ؛ لما قدمنا ذكره ؛ وهو يرى أنه لو أخذ ما ترك ، مكان أخذ ما أخذ ، لأغنى عن صاحبه ، ولأدّى فى الحاجة إليه تأديته ؛ ألا ترى أنهم لو استعملوا لجع مكان نجع ، لقام مقامه ، وأغنى مغناه. ثم لا أدفع أيضا أن تكون فى بعض ذلك أغراض لهم ، عدلوا إليه لها ، ومن أجلها ؛ فإن كثيرا من هذه اللغة وجدته مضاهيا بأجراس حروفه أصوات الأفعال التى عبر بها عنها ؛ ألا تراهم قالوا قضم فى اليابس ، وخضم فى الرّطب ؛ وذلك لقوّة القاف وضعف الخاء ، فجعلوا الصوت الأقوى للفعل الأقوى ، والصوت الأضعف للفعل الأضعف. وكذلك قالوا : صرّ الجندب ، فكرروا الراء لما هناك من استطالة صوته ، وقالوا : صرصر البازى ، فقطّعوه ؛ لما هناك من تقطيع صوته ، وسمّوا الغراب غاق حكاية لصوته ، والبط بطّا ، حكاية لأصواتها ، وقالوا : «قطّ الشىء» إذا قطعه عرضا «وقدّه» إذا قطعه طولا ؛ وذلك لأن منقطع الطاء أقصر مدّة من
__________________
(١) الرجز لأبى الأخزر الحمانى فى شرح أبيات سيبويه ٢ / ٤٢٧ ، ولسان العرب (كرم) ، (يوم) ، (ثأى) ، وتاج العروس (كرم) ، وشرح شافية ابن الحاجب ١ / ١٦٩ ، والكتاب ٤ / ٣٨٠ ، والممتع فى التصريف ٢ / ٦١٥ ، والمنصف ٢ / ١٢ ، ٣ / ٦٨ ، وتهذيب اللغة ١٥ / ١٦٤ ، ٦٤٥ ، وجمهرة اللغة ص ٩٩٤ ، ومقاييس اللغة ٦ / ١٦٠ ، ومجمل اللغة ٤ / ٥٦٢ ، والمخصص ٩ / ٦٠ ، ١٥ / ٧٢ ، ١٧ / ٢٧ ، وكتاب العين ٨ / ٢٥١ ، ٤٣٣. ويروى :
* مروان أخو اليوم اليمى*
(٢) لشيء معرض لك : موجود ظاهر لا يمتنع. وكلّ مبد عرضه معرض. اللسان (عرض).