فى ذلك عليه ، وألحق فى الحكم به.
فأما قولهم : أخذ المال بأجمعه ؛ فليس أجمع هذا هو أجمع من قولهم : جاء الجيش أجمع ، وأكلت الرغيف أجمع ؛ من قبل أن أجمع هذا الذى يؤكّد به ، لا يتنكر هو ولا ما يتبعه أبدا ؛ نحو أكتع ، وجميع هذا الباب ؛ وإذا لم يجز تنكيره كان من الإضافة أبعد ؛ إذ لا سبيل إلى إضافة اسم إلا بعد تنكيره وتصوّره كذلك.
ولهذا لم يأت عنهم شيء من إضافة أسماء الإشارة ، ولا الأسماء المضمرة ؛ إذ ليس فيها ما ينكّر. ويؤكد ذلك عندك أنهم قد قالوا فى هذا المعنى : جاء القوم بأجمعهم (بضم الميم) فكما أن هذه غير تلك لا محالة ، فكذلك المفتوحة الميم هى غير تلك. وهذا واضح.
وينبغى أن تكون «أجمع» هذه المضمومة العين جمعا مكسّرا ، لا واحدا مفردا ؛ من حيث كان هذا المثال مما يخصّ التكسير دون الإفراد ، وإذا كان كذلك فيجب أن يعرف خبر واحده ما هو. فأقرب ذلك إليه أن يكون جمع «جمع» من قول الله سبحانه : (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) [القمرة : ٤٥]. ويجوز عندى أيضا أن يكون جمع أجمع على حذف الزيادة ؛ وعليه حمل أبو عبيدة قول الله تعالى : (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ) [يوسف ٢٢ ، القصص : ١٤] أنه جمع أشدّ ، على حذف الزيادة. قال : وربما استكرهوا على حذف هذه الزيادة فى الواحد ، وأنشد بيت عنترة :
* عهدى به شدّ النهار ... (١) *
أى أشدّ النهار ، يعنى أعلاه وأمتعه ، وذهب سيبويه فى أشدّ هذه إلى أنها جمع شدّة ؛ كنعمة وأنعم. وذهب أبو عثمان فيما رويناه عن أحمد (٢) بن يحيى عنه إلى
__________________
(١) جزء من البيت وهو من الكامل ، وهو لعنترة فى ديوانه ص ٢١٣ ، ولسان العرب (شدد) ، وتاج العروس (شدد). وتتمته :
.................................... كأنما |
|
خضب اللّبان ورأسه بالعظلم |
والعظلم : صبغ أحمر.
(٢) أبو عثمان المازنى ، كانت وفاته سنة ٢٤٩ ه. وأحمد بن يحيى ثعلب وكانت وفاته سنة ٢٩١ ه. ويقضى هذا النص أن ثعلبا أخذ عن المازنى. وجاء فى سر الصناعة فى حرف الباء (ص ١٢٨): «أخبرنا محمد بن الحسن عن أحمد بن يحيى ، قال : قال أبو عثمان ـ يعنى المازنى ـ ...» وأحمد بن يحيى الذى يروى عنه محمد بن الحسن هو ثعلب بلا ريب.