على إيثارهم واستحبابهم حمل الفرع على الأصل ، وإن عرى من ضرورة الأصل. وهذا جلىّ كما ترى.
ومن ذلك حملهم حروف المضارعة بعضها على حكم بعض ، فى نحو حذفهم الهمزة فى نكرم ، وتكرم ، ويكرم ؛ لحذفهم إيّاها فى أكرم ؛ لما كان يكون هناك من الاستثقال ؛ لاجتماع الهمزتين فى نحو أؤكرم ، وإن عريت بقيّة حروف المضارعة ـ لو لم تحذف ـ من اجتماع همزتين ؛ وحذفهم أيضا الفاء من نحو وعد ، وورد ، فى يعد ، ويرد ؛ لما كان يلزم ـ لو لم تحذف ـ من وقوع الواو بين ياء وكسرة ، ثم حملوا على ذلك ما لو لم يحذفوه لم يقع بين ياء وكسرة ؛ نحو أعد ، وتعد ، ونعد ؛ لا للاستثقال ، بل لتتساوى أحوال حروف المضارعة فى حذف الفاء معها.
فإذا جاز أن يحمل حروف المضارعة بعضها على بعض ـ ومراتبها متساوية ، وليس بعضها أصلا لبعض ـ كان حمل المؤنّث على المذكّر لأن المذكّر أسبق رتبة من المؤنّث ، أولى وأجدر.
ومن ذلك مراعاتهم فى الجمع حال الواحد ؛ لأنه أسبق من الجمع ؛ ألا تراهم لمّا أعلّت الواو فى الواحد ، أعلّوها أيضا فى الجمع ، فى نحو قيمة وقيم ، وديمة وديم ، ولمّا صحّت فى الواحد صحّحوها فى الجمع ، فقالوا : زوج وزوجة ، وثور وثورة.
فأمّا ثيرة ففى إعلال واوه ثلاثة أقوال :
أما صاحب الكتاب فحمله على الشذوذ ، وأما أبو العباس فذكر أنهم أعلّوه ليفصلوا بذلك بين الثور من الحيوان وبين الثور ، وهو القطعة من الأقط ؛ لأنهم لا يقولون فيه إلا ثورة بالتصحيح لا غير. وأمّا أبو بكر فذهب فى إعلال ثيرة إلى أن ذلك لأنها منقوصة من ثيارة ، فتركوا الإعلال فى العين أمارة لما نووه من الألف ؛ كما جعلوا تصحيح نحو اجتوروا ، واعتونوا ، دليلا على أنه فى معنى ما لا بدّ من صحته ، وهو تجاوروا وتعاونوا. وقد قالوا أيضا : ثيرة ؛ قال :
* صدر النهار يراعى ثيرة رتعا (١) *
__________________
(١) عجز البيت من البسيط ، وهو للأعشى فى ديوانه ص ١٥٥ ، وكتاب الجيم ١ / ١٠٩ ، وتاج