باب فى أن العلة إذا لم تتعد لم تصح
من ذلك قول من اعتلّ لبناء نحو كم ، ومن ، وما ، وإذ ، ونحو ذلك بأنّ هذه الأسماء لمّا كانت على حرفين شابهت بذلك ما جاء من الحروف على حرفين ؛ نحو هل ، وبل ، وقد. قال : فلمّا شابهت الحرف من هذا الموضع وجب بناؤها ، كما أن الحروف مبنيّة. وهذه علّة غير متعدّية ، وذلك أنه كان يجب على هذا أن يبنى ما كان من الأسماء أيضا على حرفين ؛ نحو يد ، وأخ ، وأب ، ودم ، وفم ، وحر ، وهن ، ونحو ذلك.
فإن قيل : هذه الأسماء لها أصل فى الثلاثة ، وإنما حذف منها حرف ، فهو لذلك معتدّ ، فالجواب أنّ هذه زيادة فى وصف العلّة ، لم تأت بها فى أوّل اعتلالك.
وهبنا سامحناك بذلك ، قد كان يجب على هذا أن يبنى باب يد ، وأخ ، وأب ونحو ذلك ؛ لأنه لمّا حذف فنقص شابه الحرف ، وإن كان أصله الثلاثة ؛ ألا ترى أن المنادى المفرد المعرفة قد كان أصله أن يعرب ، فلمّا دخله شبه الحرف لوقوعه موقع المضمر بنى ، ولم يمنع من بنائه جريه معربا قبل حال البناء. وهذا شبه معنوىّ كما ترى ، مؤثّر داع إلى البناء ، والشبه اللفظىّ أقوى من الشبه المعنوىّ ، فقد كان يجب على هذا أن يبنى ما جاء من الأسماء على حرفين وله أصل فى الثلاثة ، وألا يمنع من بنائه كونه فى الأصل ثلاثيّا ، كما لم يمنع من بناء زيد فى النداء كونه فى الأصل معربا ، بل إذا كانت صورة إعراب زيد قبل ندائه معلومة مشاهدة ، ثم لم يمنع ذاك من بنائه كان أن يبنى باب يد ، ودم ، وهن ، لنقصه ولأنه لم يأت تامّا على أصله إلا فى أماكن شاذّة أجدر. وعلى أن منها ما لم يأت على أصله البتّة وهو معرب. وهو حر ، وسه ، وفم. فأمّا قوله :
* يا حبّذا عينا سليمى والفما (١) *
__________________
(١) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (فوه) ، (خطا) ، وجواهر الأدب ص ٢٩٠ ، وخزانة الأدب ٤ / ٤٦٢ ، والدرر ١ / ١٠٩ ، ورصف المبانى ص ٣٤٣ ، وسر صناعة الإعراب ص ٤٨٤ ، وهمع الهوامع ١ / ٣٩ ، وجمهرة اللغة ص ١٣٠٧. ويروى وجه بدلا من : عينا. وبعده :
* والجيد والنحر وثدى قد نما*