باب فى الزيادة فى صفة العلة لضرب من الاحتياط
قد يفعل أصحابنا ذلك إذا كانت الزيادة مثبّتة لحال المزيد عليه. وذلك كقولك فى همز (أوائل) : أصله (أواول) فلمّا اكتنفت الألف واوان ، وقربت الثانية منهما من الطرف ، ولم يؤثر إخراج ذلك على الأصل ؛ تنبيها على غيره من المغيّرات فى معناه ، ولا هناك ياء قبل الطرف منويّة مقدّرة ، وكانت الكلمة جمعا ثقل ذلك ، فأبدلت الواو همزة ، فصار أوائل.
فجميع ما أوردته محتاج إليه ، إلا ما استظهرت به من قولك : وكانت الكلمة جمعا ، فإنك لو لم تذكره لم يخلل ذلك بالعلّة ؛ ألا ترى أنك لو بنيت من قلت وبعت واحدا على فواعل كعوارض (١) ، أو أفاعل [من أوّل أو يوم أو ويح] كأباتر (٢) لهمزت كما تهمز فى الجمع.
فذكرك (الجمع) فى أثناء الحديث إنما زدت الحال به أنسا ؛ من حيث كان الجمع فى غير هذا ممّا يدعو إلى قلب الواو ياء فى نحو حقى (٣) ودلىّ ، فذكرته هنا تأكيدا لا وجوبا. وذكرك أنهم لم يؤثروا فى هذا إخراج الحرف على أصله دلالة على أصل ما غيّر من غيره فى نحوه لئلا يدخل عليك أن يقال لك : قد قال الراجز :
* تسمع من شذّانها عواولا (٤) *
وذكرت أيضا قولك : ولم يكن هناك ياء قبل الطرف مقدّرة ؛ لئلا يلزمك قوله :
* وكحل العينين بالعواور (٥) *
__________________
(١) عوارض : جبل ببلاد طيئ ، عليه قبر حاتم. وانظر اللسان (عرض).
(٢) الأباتر : الذى يقطع رحمه ، وقيل : الذى لا نسل له.
(٣) جمع حقو ـ بفتح الأول وسكون الثانى ـ وهو الخصر.
(٤) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (عول) ، وتاج العروس (عول).
(٥) من رجز لجندل بن المثنى الطهوىّ وهو :
غرّك أن تقاربت أباعرى |
|
وأن رأيت الدهر ذا الدوائر |
حتى عظامى وأراه ثاغرى |
|
وكحل ... |
وانظر شرح شواهد الشافية للبغدادى ٣٧٤. (نجار).