فقد وضح بذلك فرق ما بين حالى المبتدأ والفاعل فى وصف تعليل ارتفاعهما ، وأنهما وإن اشتركا فى كون كلّ واحد منهما مسندا إليه ، فإن هناك فرقا من حيث أرينا.
ومن ذلك قولك فى جواب من سألك عن علّة انتصاب زيد ، من قولك : ضربت زيدا : إنه إنما انتصب ؛ لأنه فضلة ، ومفعول به. فالجواب قد استقلّ بقولك : لأنه فضلة ، وقولك من بعد : (ومفعول به) تأنيس وتأييد لا ضرورة بك إليه ؛ ألا ترى أنك تقول فى نصب «نفس» من قولك : طبت به نفسا : إنما انتصب لأنه فضلة ، وإن كانت النفس هنا فاعلة فى المعنى. فقد علمت بذلك أن قولك : ومفعول به زيادة على العلّة تطوّعت بها. غير أنه فى ذكرك كونه مفعولا معنى ما ، وإن كان صغيرا. وذلك أنه قد ثبت وشاع فى الكلام أن الفاعل رفع ، والمفعول به نصب ، وكأنك أنست بذلك شيئا. وأيضا فإن فيه ضربا من الشرح. وذلك أن كون الشىء فضلة لا يدلّ على أنه لا بدّ من أن يكون مفعولا به ؛ ألا ترى أن الفضلات كثيرة ؛ كالمفعول به ، والظرف ، والمفعول له ، والمفعول معه ، والمصدر ، والحال ، والتمييز ، والاستثناء. فلمّا قلت : (ومفعول به) ميّزت أىّ الفضلات هو. فاعرف ذلك وقسه.
* * *