حرى أن يخرجا على أصولهما ، كما خرج شملل وصعرر على أصله. فأمّا محبب فعلم خرج شاذّا ، كتهلل ، ومكوزة ، ونحو ذلك مما احتمل لعلميّته.
وسبب امتناع مفعل ومفعل أن يكونا ملحقين ـ وإن كانا على وزن جعفر ، وهجرع ـ أن الحرف الزائد فى أوّلهما ، وهو لمعنى ؛ وذلك أن مفعلا يأتى للمصادر ، نحو ذهب مذهبا ، ودخل مدخلا ، وخرج مخرجا. ومفعلا يأتى للآلات ، والمستعملات ؛ نحو مطرق ، ومروح ، ومخصف ، ومئزر. فلما كانت الميمان ذواتى معنى خشوا إن هم ألحقوا بهما أن يتوهّم أن الغرض فيهما إنما هو الإلحاق حسب ، فيستهلك المعنى المقصود بهما ، فتحاموا الإلحاق بهما ؛ ليكون ذلك موفّرا على المعنى لهما.
ويدلك على تمكّن المعنى فى أنفسهم وتقدّمه للّفظ عندهم تقديمهم لحرف المعنى فى أوّل الكلمة ، وذلك لقوّة العناية به ، فقدّموا دليله ليكون ذلك أمارة لتمكّنه عندهم.
وعلى ذلك تقدّمت حروف المضارعة فى أوّل الفعل ؛ إذ كنّ دلائل على الفاعلين : من هم ، وما هم ، وكم عدّتهم ؛ نحو أفعل ، ونفعل ، وتفعل ، ويفعل ، وحكموا بضدّ [هذا للّفظ] ؛ ألا ترى إلى ما قاله أبو عثمان فى الإلحاق : إنّ أقيسه أن يكون بتكرير اللام ، فقال : باب شمللت ، وصعررت ، أقيس من باب حوقلت ، وبيطرت ، وجهورت.
أفلا ترى إلى حروف المعانى : كيف بابها التقدّم ، وإلى حروف الإلحاق والصناعة : كيف بابها التأخّر. فلو لم يعرف سبق المعنى عندهم ، وعلوّ فى تصوّرهم ، إلا بتقدّم دليله ، وتأخّر دليل نقيضه ، لكان مغنيا من غيره كافيا.
وعلى هذا حشوا بحروف المعانى فحصّنوها بكونها حشوا ، وأمنوا عليها ما لا يؤمن على الأطراف ، المعرّضة للحذف والإجحاف. وذلك كألف التكسير وياء التصغير ؛ نحو دراهم ، ودريهم ، وقماطر ، وقميطر. فجرت فى ذلك ـ لكونها حشوا ـ مجرى عين الفعل المحصّنة فى غالب الأمر ، المرفوعة عن حال الطرفين من الحذف ؛ ألا ترى إلى كثرة باب عدة ، وزنة ، وناس ، والله فى أظهر قولى سيبويه ، وما حكاه أبو زيد من قولهم ، لاب لك ، وويلمّه ، ويا با المغيرة ، وكثرة