باب يد ، ودم ، وأخ ، وأب ، وغد ، وهن ، وحر ، واست ، وباب ثبة ، وقلة ؛ وعزة ، وقلّة باب مذ ، وسه : إنما هما هذان الحرفان بلا خلاف. وأما ثبة (١) ولثة فعلى الخلاف. فهذا يدلّك على ضنّهم بحروف المعانى ، وشحّهم عليها : حتى قدّموها عناية بها ، أو وسّطوها تحصينا لها.
فإن قلت : فقد نجد حرف المعنى آخرا ، كما نجده أوّلا ووسطا. وذلك تاء التأنيث ، وألف التثنية ، وواو الجمع على حدّه ، والألف والتاء فى المؤنّث ، وألفا التأنيث فى حمراء وبابها ، وسكرى وبابها ، وياء الإضافة ؛ كهنىّ ، فما ذلك؟
قيل : ليس شيء مما تأخّرت فيه علامة معناه إلا لعاذر مقنع. وذلك أن تاء التأنيث إنما جاءت فى طلحة وبابها آخرا من قبل أنهم أرادوا أن يعرّفونا تأنيث ما هو ، وما مذكّره ، فجاءوا بصورة المذكّر كاملة مصحّحة ، ثم ألحقوها تاء التأنيث ليعلموا حال صورة التذكير ، وأنه قد استحال بما لحقه إلى التأنيث ؛ فجمعوا بين الأمرين ودلّوا على الغرضين. ولو جاءوا بعلم التأنيث حشوا لانكسر المثال ، ولم يعلم تأنيث أىّ شيء هو.
فإن قلت : فإن ألف التكسير وياء التحقير قد تكسران مثال الواحد والمكبّر ، وتخترمان صورتيهما ؛ لأنهما حشو لا آخر. وذلك قولك دفاتر ودفيتر ، وكذلك كليب ، وحجير ، ونحو ذلك ، قيل : أمّا التحقير فإنه أحفظ للصورة من التكسير ؛ ألا تراك تقول فى تحقير حبلى : حبيلى ، وفى صحراء : صحيراء ، فتقرّ ألف التأنيث بحالها ، فإذا كسّرت قلت : حبالى ، وصحارى ، وأصل حبالى حبال ؛ كدعا وتكسير دعوى ، فتغيّر علم التأنيث. وإنما كان الأمر كذلك من حيث كان تحقير الاسم لا يخرجه عن رتبته الأولى ـ أعنى الإفراد ـ فأقرّ (بعض لفظه) لذلك ؛ وأمّا التكسير فيبعده عن الواحد الذى هو الأصل ، فيحتمل التغيير ، لا سيّما مع اختلاف معانى الجمع ، فوجب اختلاف اللفظ. وأمّا ألف التأنيث
__________________
(١) ثبة الحوض : وسطه الذى يثوب إليه الماء. وانظر اللسان (ثبا). يقول ابن جنى فى سر الصناعة فى حرف الواو (٢ / ١٥٠) أما «ثبة» فالمحذوف منها اللام يدل على ذلك أنه الثبة : الجماعة من الناس وغيرهم ، قال تعالى : (فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً). فـ «ثبات» كقولك : جماعات متفرقة.