المقصورة والممدودة فمحمولتان على تاء التأنيث ، وكذلك علم التثنية والجمع على حدّه لاحق بالهاء أيضا. وكذلك ياء النسب. وإذا كان الزائد غير ذى المعنى قد قوى سببه ، حتى لحق بالأصول عندهم ، فما ظنّك بالزائد ذى المعنى؟ وذلك قولهم فى اشتقاق الفعل من قلنسوة تارة : تقلنس ، وأخرى : تقلسى ، فأقرّوا النون وإن كانت زائدة ، وأقرّوا أيضا الواو حتى قلبوها ياء فى تقلسيت. وكذلك قالوا : قرنوة (١) ، فلما اشتقّوا الفعل منها قالوا قرنيت السّقاء ، فأثبتوا الواو ، كما أثبتوا بقيّة حروف الأصل : من القاف ، والراء ، والنون ، ثم قلبوها ياء فى قرنيت. هذا مع أن الواو فى قرنوة زائدة للتكثير والصيغة ، لا للإلحاق ولا للمعنى ، وكذلك الواو فى قلنسوة للزيادة غير الإلحاق وغير المعنى. وقالوا فى نحوه ، تعفرت الرجل إذا صار عفريتا ، فهذا تفعلت ؛ وعليه جاء تمسكن ، وتمدرع ، وتمنطق ، وتمندل ، ومخرق (٢) ، وكان يسمّى محمدا ثم تمسلم أى صار يسمّى مسلما ، و (مرحبك الله ، ومسهلك) ، فتحمّلوا ما فيه تبقية الزائد مع الأصل فى حال الاشتقاق ؛ كلّ ذلك توفية للمعنى ، وحراسة له ، ودلالة عليه. ألا تراهم إذ قالوا : تدرّع ، وتسكّن وإن كانت أقوى اللغتين عند أصحابنا فقد عرّضوا أنفسهم لئلا يعرف غرضهم : أمن الدّرع والسكون ؛ أم من المدرعة والمسكنة؟ وكذلك بقيّة الباب.
ففى هذا شيئان : أحدهما حرمة الزائد فى الكلمة عندهم حتى أقرّوه إقرار الأصول. والآخر ما يوجبه ويقضى به : من ضعف تحقير الترخيم وتكسيره عندهم ، لما يقضى به ، ويفضى بك إليه : من حذف الزوائد ، على معرفتك بحرمتها عندهم.
فإن قلت : فإذا كان الزائد إذا وقع أوّلا لم يكن للإلحاق فكيف ألحقوا بالهمزة فى ألندد (٣) وألنجج (٤) ، وبالياء فى يلندد ويلنجج ، والدليل على الإلحاق ظهور
__________________
(١) القرنوة : نبات عريض الورق ينبت فى ألوية الرمل ، قال الأزهرى فى القرنوة : رأيت العرب يدبغون بورقه الأهب. اللسان (قرن).
(٢) يقول ابن جنى فى سر الصناعة فى آخر حرف الميم (١ / ٣٦٦) «وقالوا مخرق الرجل ، وضعفها ابن كيسان».
(٣) الألندد واليلندد : كالألدّ ، أى الشديد الخصومة.
(٤) الألنجج واليلنجج : عود من الطيب يتبخر به.