التضعيف؟ قيل : قد قلنا قبل : إنهم لا يلحقون الزائد من أوّل الكلمة إلا أن يكون معه زائد آخر ؛ فلذلك جاز الإلحاق بالهمزة والياء فى ألندد ، ويلندد ، لمّا انضمّ إلى الهمزة والياء والنون.
وكذلك ما جاء عنهم من إنقحل (١) ـ فى قول صاحب الكتاب ـ ينبغى أن تكون الهمزة فى أوّله للإلحاق ـ بما اقترن بها من النون ـ بباب جردحل. ومثله ما رويناه عنهم من قولهم : رجل إنزهو ، وامرأة إنزهوة ، ورجال إنزهوون ، ونساء إنزهوات ، إذا كان ذا زهو ؛ فهذا إذا انفعل. ولم يحك سيبويه من هذا الوزن إلا إنقحلا وحده ؛ وأنشد الأصمعىّ ـ رحمهالله ـ :
* لمّا رأتنى خلقا إنقحلا (٢) *
ويجوز عندى فى إنزهو غير هذا ، وهو أن تكون همزته بدلا من عين ، فيكون أصله عنزهو : فنعلو ، من العزهاة ، وهو الذى لا يقرب النساء. والتقاؤهما أن فيه انقباضا وإعراضا ، وذلك طرف من أطراف الزهو ؛ قال :
إذا كنت عزهاة عن اللهو والصّبا
فكن حجرا من يابس الصخر جلمدا (٣)
وإذا حملته على هذا لحق بباب أوسع من إنقحل ، وهو باب قندأو (٤) ، وسندأو (٥) ، وحنطئو (٦) ، وكنتأو (٧).
فإن قيل : ولم لمّا كان مع الحرف الزائد إذا وقع أوّلا زائد ثان غيره صارا جميعا للإلحاق ، وإذا انفرد الأوّل لم يكن له؟ قيل : لما كنّا عليه من غلبة المعانى
__________________
(١) رجل إنقحل : يابس الجلد من الكبر والهرم.
(٢) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (قحل) ، وجمهرة اللغة ص ٥٥٩ ، وتاج العروس (قحل).
(٣) البيت من الطويل ، وهو للأحوص فى ديوانه ص ٩٨ ، وطبقات فحول الشعراء ص ٦٦٤ ، والشعر والشعراء ص ٥٢٦ ، وبلا نسبة فى لسان العرب (عزه) ، وكتاب العين ٦ / ٢٠٦ ، والمخصص ١٦ / ١٧٥ ، وأساس البلاغة ص ٣٠١ (عزه) ٣٤٨ ، (فند) ، ٥١٢ (يبس) ، وتاج العروس (عزه).
(٤) القندأو : الجرىء. والسندأو : القصير أو الخفيف. الحنطأو : العظيم البطن أو القصير. الكنتأو : الجمل الشديد.