للألفاظ ، على ما تقدّم.
وذلك أن أصل الزيادة فى أوّل الكلمة إنما هو للفعل. وتلك حروف المضارعة فى أفعل ، ونفعل ، وتفعل ، ويفعل ، وكلّ واحد من أدلّة المضارعة إنما هو حرف واحد ، فلمّا انضمّ إليه حرف آخر فارق بذلك طريقه فى باب الدلالة على المعنى ، فلم ينكر أن يصار به حينئذ إلى صنعة اللفظ ، وهى الإلحاق.
ويدلّك على تمكّن الزيادة إذا وقعت أوّلا فى الدلالة على المعنى تركهم صرف أحمد ، وأرمل ، وأزمل (١) ، وتنضب ، ونرجس ، معرفة ؛ لأن هذه الزوائد فى أوائل الأسماء وقعت موقع ما هو أقعد منها فى ذلك الموضع ، وهى حروف المضارعة. فضارع أحمد أركب ، وتنضب تقتل ، ونرجس نضرب ، فحمل زوائد الأسماء فى هذا على أحكام زوائد الأفعال ؛ دلالة على أن الزيادة فى أوائل الكلم إنما بابها الفعل.
فإن قلت : فقد نجدها للمعنى ومعها زائد آخر غيرها ؛ وذلك نحو ينطلق وأنطلق ، واحرنجم ، ويخرنطم ، ويقعنسس. قيل : المزيد للمضارعة هو حرفها وحده ، فأمّا النون فمصوغة فى حشو الكلمة فى الماضى ؛ نحو احرنجم ، ولم تجتمع مع حرف المضارعة فى وقت واحد ، كما التقت الهمزة والياء مع النون فى ألنجج ويلندد فى وقت واحد.
فإن قلت : فقد تقول : رجل ألدّ ثم تلحق النون فيما بعد ، فتقول : ألندد ، فقد رأيت الهمزة والنون غير مصطحبتين. قيل : هاتان حالان متعاديتان ؛ وذلك أن ألدّ ليس من صيغة ألندد فى شيء ، إنما ألدّ مذكر لدّاء ؛ كما أن أصمّ تذكير صمّاء. وأمّا ألندد فهمزته مرتجلة مع النون فى حال واحدة ، ولا يمكنك أن تدّعى أن احرنجم لمّا صرت إلى مضارعه فككت يده عمّا كان فيها من الزوائد ، ثم ارتجلت له زوائد غيرها ؛ ألا ترى أن المضارع مبناه على أن ينتظم جميع حروف الماضى من أصل أو زائد ؛ كبيطر ويبيطر ، وحوقل ويحوقل ، وجهور ، ويجهور ، وسلقى ويسلقى ، وقطّع ويقطّع ، و (تكسّر ويتكسّر) وضارب ويضارب.
__________________
(١) الأزمل : الصوت ، وجمعه الأزامل.