إلا أن (زيدا) الآن إنما هو منصوب بنفس (عليك) من حيث كان اسما لفعل متعدّ ، لا أنه منصوب بـ (خذ).
ألا ترى إلى فرق ما بين تقدير الإعراب وتفسير المعنى ؛ فإذا مرّ بك شيء من هذا عن أصحابنا فاحفظ نفسك منه ، ولا تسترسل إليه ؛ فإن أمكنك أن يكون تقدير الإعراب على سمت تفسير المعنى فهو ما لا غاية وراءه ، وإن كان تقدير الإعراب مخالفا لتفسير المعنى تقبّلت تفسير المعنى على ما هو عليه ، وصحّحت طريق تقدير الإعراب ، حتى لا يشذّ شيء منها عليك ، وإيّاك أن تسترسل فتفسد ما تؤثر إصلاحه ؛ ألا تراك تفسّر نحو قولهم : ضربت زيدا سوطا أنّ معناه ضربت زيدا ضربة بسوط. وهو ـ لا شكّ ـ كذلك ، ولكن طريق إعرابه أنه على حذف المضاف ، أى ضربته ضربة سوط ثم حذفت الضربة على عبرة حذف المضاف. ولو ذهبت تتأوّل ضربته سوطا على أن تقدير إعرابه : ضربة بسوط كما أن معناه كذلك للزمك أن تقدّر أنك حذفت الباء ، كما تحذف حرف الجر فى نحو قوله : أمرتك الخير ، وأستغفر الله ذنبا ، فتحتاج إلى اعتذار من حذف حرف الجرّ ، وقد غنيت عن ذلك كلّه بقولك : إنه على حذف المضاف ؛ أى ضربة سوط ومعناه ضربة بسوط ، فهذا ـ لعمرى ـ معناه ، فأمّا طريق إعرابه وتقديره فحذف المضاف.
* * *