بسم الله الرّحمن الرّحيم
مقدمة المحقق
الحمد لله على ما خصّ به أهل الإيمان من الخصائص ، وأصلى وأسلم على أكمل الخلق المنزه عن العيوب والنقائص.
وبعد ؛ فقد عهد إلى قيم دار الكتب العلمية حفظه الله بأن أتولى العناية بكتاب الخصائص لابن جنى لرغبة الدار فى طبعه ونشره.
وكنت أقدم فى هذا الأمر رجلا وأؤخر أخرى لأمرين :
أولهما : صعوبة العمل فى مثل هذا الكتاب الذى يعد بحق موسوعة لغوية متكاملة.
ثانيهما : جودة النشرة السابقة للأستاذ / محمد على النجار ، جزاه الله على عمله خير الجزاء.
ولكن هذا العمل الجليل قد سال له لعاب فكرى لا لشيء إلا لرغبتى فى مصاحبة ابن جنى فى هذا الكتاب والتتلمذ على يديه.
والحق أن هذه المرة لم تكن هى الأولى فى جلوسى بين يدى هذا الجهبذ الفذ ؛ بل تتلمذت على يديه من قبل وأطلت الوقوف أمام كتابه هذا خاصة ، بل لا أبعد إذا قلت إننى قد نخلته نخلا ، وذلك فى دراستى للدكتوراة فى موضوع يعد جدّ لصيق بمادة كتاب الخصائص ، ألا وهو (التوظيف البلاغى لصيغة الكلمة).
وقد تصفحت ما جاء عن الأقدمين فى هذا الباب فوجدت أن ابن جنّى هو صاحبه ، والعلم فيه بلا منافس.
ولو لا ما أشار إليه ابن جنى من إشارات السابقين قبله فى هذا الباب كالخليل وسيبويه لكان جهد هؤلاء نسيا منسيا ، وذلك لكونه مجرد إشارات سريعة ، قلما يتفطن إليها إلا من كان هذا الأمر همّه.
ثم كان جلوسى بين يدى ابن جنى بعد ذلك فى بحث قدمته بعد الدكتوراة استوحيت فكرته من كلام ابن جنى فى باب فى إمساس الألفاظ أشباه المعانى فى هذا