أن موضعه التقديم ، فإذا وقع مقدّما فقد أخذ مأخذه ، ورست به قدمه. وإذا كان كذلك فقد وقع المضمر قبل مظهره لفظا ومعنى. وهذا ما لا يجوّزه القياس.
قيل : الأمر وإن كان ظاهره ما تقوله ، فإن هنا طريقا آخر يسوّغك غيره ، وذلك أن المفعول قد شاع عنهم واطّرد من مذاهبهم كثرة تقدّمه على الفاعل ، حتى دعا ذاك أبا علىّ إلى أن قال : إن تقدّم المفعول على الفاعل قسم قائم برأسه ، كما أن تقدّم الفاعل قسم أيضا قائم برأسه ، وإن كان تقديم الفاعل أكثر ، وقد جاء به الاستعمال مجيئا واسعا ؛ نحو قول الله عزوجل : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) [فاطر : ٢٨] وقول ذى الرمّة :
أستحدث الركب من أشياعهم خبرا |
|
أم عاود القلب من أطرابه طرب (١) |
وقول معقّر بن حمار البارقىّ :
أجدّ الركب بعد غد خفوف |
|
وأمست من لبانتك الألوف (٢) |
وقول درنى بنت عبعبة :
إذا هبطا الأرض المخوف بها الرّدى |
|
يخفّض من جأشيهما منصلاهما (٣) |
وقول لبيد :
__________________
(١) البيت لذى الرمة فى ديوانه ص ١٣ ، الأزهية ص ٣٤ ، وخزانة الأدب ٢ / ٣٤٢ ، ولسان العرب (طرب) ، (حدث) ، (شيع) ، اللمع ص ٣٠٩ ، المحتسب ٢ / ٣٢٢ ، وبلا نسبة فى شرح شافية ابن الحاجب ٢ / ٢٦٨.
(٢) يبدو أن هذا من قصيدته التى فيها :
وذبيانية وصت بنيها |
|
بأن كذب القراطف والقروف |
وانظر هذا البيت وثلاثة معه : الخزانة ٢ / ٢٩٣ ، ٣ / ١٥ ، واللآلئ ٤٨٤ ، والكشاف (العنكبوت). (نجار). خفّ القوم عن منزلهم خفوفا : ارتحلوا مسرعين ، وقيل : ارتحلوا عنه فلم يخصوا السرعة ، والخفوف : الارتحال. اللسان (خفف) والألوف : المحبوبة.
(٣) تقول ذلك فى أخويها ترثيهما. وفى الحماسة أن هذا لعمرة فى ابنيها ترثيهما ، ومن هذه المرثية ما يستشهد به النحويون فى باب الإضافة :
هما أخوا فى الحرب من لا أخا له |
|
إذا خاف يوما نبوة فدعاهما |
وانظر العينى فى شواهد الإضافة ، والأعلم فى المرجع السابق ، واللسان فى (أبو). (نجار).