باب فى أن ما قيس على كلام العرب
فهو من كلام العرب
هذا موضع شريف. وأكثر الناس يضعف عن احتماله ؛ لغموضه ولطفه.
والمنفعة به عامّة ، والتساند إليه مقوّ مجد. وقد نصّ أبو عثمان عليه فقال : ما قيس على كلام العرب فهو من كلام العرب ؛ ألا ترى أنك لم تسمع أنت ولا غيرك اسم كل فاعل ولا مفعول ، وإنما سمعت البعض فقست عليه غيره. فإذا سمعت «قام زيد» أجزت ظرف بشر ، وكرم خالد.
قال أبو على : إذا قلت : «طاب الخشكنان» فهذا من كلام العرب ؛ لأنك بإعرابك إيّاه قد أدخلته كلام العرب.
ويؤكّد هذا عندك أن ما أعرب من أجناس الأعجميّة قد أجرته العرب مجرى أصول كلامها ؛ ألا تراهم يصرفون فى العلم نحو آجرّ ، وإبريسيم ، وفرند ، وفيروزج ، وجميع ما تدخله لام التعريف. وذلك أنه لمّا دخلته اللام فى نحو الديباج ، والفرند ، والسهريز (١) ، والآجرّ ؛ أشبه أصول كلام العرب ، أعنى النكرات. فجرى فى الصرف ومنعه مجراها.
قال أبو على : ويؤكّد ذلك أن العرب اشتقّت من الأعجمىّ النكرة ، كما تشتقّ من أصول كلامها ؛ قال رؤبة :
هل ينجينّى حلف سختيت |
|
أو فضّة أو ذهب كبريت (٢) |
__________________
(١) والسّهريز والسّهريز بضم السين وكسرها : ضرب من التمر ، معرب ويقال سهريز وشهريز ، بالسين والشين جميعا ، وهو بالسين أعرب ويقال : ثوب سهريز ؛ بالوصف والإضافة. اللسان (شهرز).
(٢) الرجز لرؤبة بن العجاج فى ديوانه ص ٢٦ ، ولسان العرب (سخت) ، (كبرت) ، (كبر) ، وتهذيب اللغة ٧ / ١٦١ ، ١٠ / ٤٣٥ ، وتاج العروس (سخت) ، (كبرت) ، وجمهرة اللغة ص ١١٩٠ ، وكتاب العين ٤ / ١٩٤ ، ٥ / ٤٣٠ ، وديوان الأدب ٢ / ٧٥ ، وللعجاج فى ديوانه ٢ / ١٨٩ ، ١٩٠ ، وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ١١١١ ، ومجمل اللغة ٤ / ٢٣٧ ،