علمها ؛ نحو قائمتان وقاعدتان.
فإن قلت : فقد نجد فى الثلاثيّ ما تكون حركة عينيه فى الماضى والمضارع سواء ، وهو باب فعل ؛ نحو كرم يكرم ، وظرف يظرف.
قيل : على كل حال فاؤه فى المضارع ساكنة ، وأمّا موافقة حركة عينيه فلأنه ضرب قائم فى الثلاثيّ برأسه ؛ ألا تراه غير متعدّ البتّة ، وأكثر باب فعل وفعل متعدّ. فلمّا جاء هذا مخالفا لهما ـ وهما أقوى وأكثر منه ـ خولف بينهما وبينه ، فوفّق بين حركتى عينيه ، وخولف بين حركتى عينيهما. وإذا ثبت وجوب خلاف صيغة الماضى صيغة المضارع وجب أن يكون ما جاء من نحو سلا يسلى ، وقلى يقلى (ونحو ذلك) ، ممّا التقت
فيه حركتا عينيه منظورا فى أمره ، ومحكوما عليه بواجبه. فنقول : إنهم قد قالوا : قليت الرجل وقليته. فمن قال : قليته فإنه يقول أقليه ، ومن قال قليته قال : أقلاه. وكذلك من قال : سلوته قال : أسلوه ؛ ومن قال سليته قال : أسلاه ، ثم تلاقى أصحاب اللغتين فسمع هذا لغة هذا ، وهذا لغة هذا ، فأخذ كل واحد منهما من صاحبه ما ضمّه إلى لغته ، فتركّبت هناك لغة ثالثة ؛ كأنّ من يقول سلا أخذ مضارع من يقول سلى ، فصار فى لغته سلا يسلى.
فإن قلت : فكان يجب على هذا أن يأخذ من يقول سلى مضارع من يقول سلا ، فيجىء من هذا أن يقال : سلى يسلو.
قيل : منع من ذلك أن الفعل إذا أزيل ماضيه عن أصله ، سرى ذلك فى مضارعه ، وإذا اعتلّ مضارعه سرى ذلك فى ماضيه ؛ إذ كانت هذه المثل تجرى عندهم مجرى المثال الواحد ؛ ألا تراهم لمّا أعلّوا «شقى» أعلّوا أيضا مضارعه ، فقالوا يشقيان : ولمّا أعلّوا «يغرى» أعلّوا أيضا أغريت ؛ ولمّا أعلّوا «قام» أعلّوا أيضا يقوم. فلذلك لم يقولوا : سليت تسلو ، فيعلّوا الماضى ويصحّحوا المضارع.
فإن قيل : فقد قالوا : محوت تمحى ، وبأوت تبأى ، وسعيت تسعى ، ونأيت تنأى ؛ فصحّحوا الماضى وأعلّوا المستقبل.
قيل : إعلال الحرفين إلى الألف لا يخرجهما كل الإخراج عن أصلهما ؛ ألا ترى أن الألف حرف ينصرف إليه عن الياء والواو جميعا ، فليس للألف خصوص