باب فى الامتناع من تركيب ما يخرج عن السماع
سألت أبا علىّ رحمهالله فقلت : من أجرى المضمر مجرى المظهر فى قوله (أعطيتكمه) فأسكن الميم مستخفّا ، كما أسكنها فى قوله : أعطيتكم درهما ، كيف قياس قوله (على قول الجماعة) (١) : أعطيته درهما إذا أضمر الدرهم ، على قول الشاعر :
له رجل كأنّه صوت حاد |
|
إذا طلب الوسيقة أو زمير (٢) |
إذا وقع ذلك قافية؟ فقال : (لا يجوز ذلك) فى هذه المسألة ، وإن جاز فى غيرها ، لا لشيء يرجع إلى نفس حذف الواو من قوله : (كأنه صوت حاد) لأن هذا أمر قد شاع عنهم ، وتعولمت فيه لغتهم ، بل لقرينة انضمّت إليه ليست مع ذلك ؛ ألا ترى أنه كان يلزمك على ذلك أن تقول : أعطيتهه ، خلافا على قول الجماعة : أعطيتهوه. فإن جعل الهاء الأولى رويّا ، والأخرى وصلا ، لم يجز ذلك ؛ لأن الأولى ضمير والتاء متحركة قبلها ، وهاء الضمير لا تكون رويّا ، إذا تحرّك ما قبلها. فإن قلت : أجعل الثانية رويّا ، فكذلك أيضا ؛ لأن الأولى قبلها متحرّكة. فإن قلت : أجعل التاء رويّا ، والهاء الأولى وصلا ، قيل : فما تصنع بالهاء الثانية؟ أتجعلها خروجا؟ هذا محال ؛ لأن الخروج لا يكون إلا أحد الأحرف الثلاثة : الألف والياء والواو. فإذا أدّاك تركيب هذه المسألة فى القافية إلى هذا الفساد وجب ألا يجوز ذلك أصلا. فأما فى غير القافية فشائعة جائزة. هذا محصول معنى أبى علىّ ، فأمّا نفس لفظه فلا يحضرنى الآن حقيقة صورته.
وإذا كان كذلك وجب إذا وقع نحو هذا قافية أن تراجع فيه اللغة الكبرى ،
__________________
(١) قال الأستاذ : محمد على النجار فى (ط) هذه العبارة فى الأصول ، وهى قلقة فى هذا المكان ، ولو حذفت وضح المراد ، وقد يكون الأصل : «على خلاف قول الجماعة».
(٢) البيت من الوافر ، وهو للشماخ فى ديوانه ص ١٥٥ ، والدرر ١ / ١٨١ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٣٧ ، والكتاب ١ / ٣٠ ، ولسان العرب (ها) ، وبلا نسبة فى الإنصاف ٢ / ٥٦١ ، والأشباه والنظائر ٢ / ٣٧٩ ، وخزانة الأدب ٢ / ٣٨٨ ، ٥ / ٢٧٠ ، ٢٧١ ، ولسان العرب (زجل) ، والمقتضب ١ / ٢٦٧ ، وهمع الهوامع ١ / ٥٩.