مع ذلك واحد ، فهو أشدّ لإلباسه. وإنما (ضياط) من تركيب (ض ى ط) ، وضيطار من تركيب (ض ط ر). ومنه (قول جرير) :
تعدّون عقر النيب أفضل مجدكم |
|
بنى ضوطرى! لو لا الكمىّ المقنعا (١) |
فضيّاط يحتمل مثاله ثلاثة أوجه : أحدها أن يكون فعّالا كخيّاط وربّاط ، والآخر أن يكون فيعالا كخيتام وغيداق ، والثالث أن يكون فوعالا كتوراب. فإن قلت : إن فوعالا لم يأت صفة ، قيل اللفظ يحتمله وإن كانت اللغة تمنعه. ومن ذلك لوقة وألوقة ، وصوص وأصوص ، وينجوج وألنجوج ويلنجوج (٢) ، وضيف وضيفن فى قول أبى زيد. ومن ذلك حيّة وحوّاء ، فليس حوّاء من لفظ حيّة كعطّار من العطر ، وقطّان من القطن ، بل حيّة من لفظ (ح ى ى) من مضاعف الياء ، وحوّاء من تركيب (ح وى) كشوّاء وطوّاء. ويدلّ على أن الحيّة من مضاعف الياء ما حكاه صاحب الكتاب من قولهم فى الإضافة إلى حيّة بن بهدلة : حيوىّ. فظهور الياء عينا فى حيوىّ قد علمنا منه كون العين ياء ، وإذا كانت العين ياء واللام معتلّة فالكلمة من مضاعف الياء البتة ؛ ألا ترى أنه ليس فى كلامهم نحو حيوت. وهذا واضح. ولو لا هذه الحكاية لوجب أن تكون الحيّة والحوّاء من لفظ واحد ؛ لضربين من القياس : أمّا أحدهما فلأن فعّالا فى المعاناة إنما يأتى من لفظ المعانى ؛
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو لجرير فى ديوانه ص ٩٠٧ ، وتخليص الشواهد ص ٤٣١ ، وجواهر الأدب ص ٣٩٤ ، وخزانة الأدب ٣ / ٥٥ ، ٥٧ ، ٦٠ ، والدرر ٢ / ٢٤٠ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٧٢ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٦٦٩ ، وشرح المفصل ٢ / ٣٨ ، ٨ / ١٤٤ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٤٧٥ ، ولسان العرب (أما لا) وتاج العروس (لو) وللفرزدق فى الأزهية ١٦٨ ، ولسان العرب (ضطر) ، ولجرير أو للأشهب بن رميلة فى شرح المفصل ٨ / ١٤٥ ، وبلا نسبة فى الأزهية ص ١٧٠ ، والأشباه والنظائر ١ / ٢٤٠ ، والجنى الدانى ص ٦٠٦ ، وخزانة الأدب ١١ / ٢٤٥ ، ورصف المبانى ص ٢٩٣ ، وشرح الأشمونى ٣ / ٦١٠ ، وشرح ابن عقيل ص ٦٠٠ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٣٢١ ، وشرح المفصل ٢ / ١٠٢ ، والصاحبى فى فقه اللغة ص ١٦٤ ، ١٨٢ ، ومغنى اللبيب ١ / ٢٧٤ ، وهمع الهوامع ١ / ١٤٨. يقال للقوم إذا كانوا لا يغنون : بنو ضوطرى. وجرير يهجو بهذا الفرزدق وقومه. انظر اللسان (ضطر).
(٢) اللوقة والألوقة : طعام طيب يكون من الزبد والرطب. الصوص : البخيل. والأصوص : الناقة الكريمة الموثقة الخلق. ينجوج وألنجوج ويلجوج : هو عود طيب الريح يتبخر به.