إلى ما قبل الفاء فصارت فى التقدير (أونق) ثم أبدلت الواو ياء لأنها ؛ كما أعلّت بالقلب كذلك أعلّت أيضا بالإبدال على ما مضى ؛ والآخر أن تكون العين حذفت ثم عوّضت الياء منها قبل الفاء. فمثالها على هذا القول (أيفل) ، وعلى القول الأوّل (أعفل).
وذهب الفرّاء فى (الجاه) إلى أنه مقلوب من الوجه. وروينا عن الفرّاء أنه قال : سمعت أعرابية من غطفان ، وزجرها ابنها ، فقلت لها : ردّى عليه ، فقالت : أخاف أن يجوهنى بأكثر من هذا. قال : وهو من الوجه ، أرادت : يواجهنى. وكان أبو علىّ ـ رحمهالله ـ يرى أنّ الجاه مقلوب عن الوجه أيضا. قال : ولمّا أعلّوه بالقلب أعلّوه أيضا بتحريك عينه ونقله من فعل إلى فعل ، (يريد أنه) صار من وجه إلى جوه ، ثم حرّكت عينه فصار إلى جوه ، ثم أبدلت عينه لتحرّكها وانفتاح ما قبلها ، فصار (جاه) كما ترى ، وحكى أبو زيد : قد وجه الرجل وجاهة عند السلطان ، وهو وجيه. وهذا يقوّى القلب ؛ لأنهم لم يقولوا (جويه) ولا نحو ذلك.
ومن المقلوب (قسىّ) و (أشياء) فى قول الخليل.
وقوله :
* مروان مروان أخو اليوم اليمى*
فيه قولان : أحدهما أنه أراد : أخو اليوم السهل اليوم الصعب ، يقال يوم أيوم ، ويوم ، كأشعث وشعث ، وأخشن وخشن ، وأوجل ووجل ، فقلب فصار (يمو) فانقلبت العين لانكسار ما قبلها ، طرفا. والآخر أنه أراد : أخو اليوم اليوم ، كما يقال عند الشدّة والأمر العظيم : اليوم اليوم ، فقلب فصار (اليمو) ثم نقله من فعل إلى فعل ، كما أنشده أبو زيد من قوله :
علام قتل مسلم تعبّدا |
|
مذ سنة وخمسون عددا (١) |
ـ يريد خمسون ـ فلما انكسر ما قبل الواو قلبت ياء فصار اليمى. هذان قولان فيه مقولان.
__________________
(١) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (خمس) ، (يوم) والدرر ٦ / ٢٣٢ ، والمحتسب ١ / ٨٦ ، ونوادر أبى زيد ص ١٦٥ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٥٧ ، وتاج العروس (خمس).