باب فى الحرفين المتقاربين
يستعمل أحدهما مكان صاحبه
اعلم أن هذا الباب لاحق بما قبله وتال له. فمتى أمكن أن يكون الحرفان جميعا أصلين (كل واحد منهما قائم برأسه) لم يسغ العدول عن الحكم بذلك. فإن دلّ دالّ أو دعت ضرورة إلى القول بإبدال أحدهما من صاحبه عمل بموجب الدلالة ، وصيّر إلى مقتضى الصنعة.
ومن ذلك سكّر طبرزل ، وطبرزن : هما متساويان فى الاستعمال ، فلست بأن تجعل أحدهما أصلا لصاحبه أولى منك بحمله على ضدّه.
ومن ذلك قولهم : هتلت السماء ، وهتنت : هما أصلان ؛ ألا تراهما متساويين فى التصرّف ؛ يقولون : هتنت السماء تهتن تهتانا ، وهتلت تهتل تهتالا ، وهى سحائب هتّن ، وهتّل ؛ قال امرؤ القيس :
فسحّت دموعى فى الرداء كأنها |
|
كلّى من شعيب ذات سحّ وتهتان (١) |
وقال العجّاج :
عزّز منه وهو معطى الإسهال |
|
ضرب السوارى متنه بالتهتال (٢) |
ومن ذلك ما حكاه الأصمعى من قولهم : دهمج البعير يدهمج دهمجة ، ودهنج يدهنج دهنجة ، إذا قارب الخطو وأسرع ، وبعير دهامج ، ودهانج ؛ وأنشد للعجّاج :
كأنّ رعن الآل منه فى الآل |
|
بين الضحا وبين قيل القيال |
إذا بدا دهانج ذو أعدال (٣) |
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو لامرئ القيس فى ديوانه ص ٩٠ ، وكتاب العين ١ / ٢٦٥.
(٢) الرجز للعجاج فى ديوانه ٢ / ٣١٨ ـ ٣١٩ ، ولسان العرب (ضنك) ، (هتل) ، وتهذيب اللغة ٦ / ٢٣٦ ، ١٠ / ٤١ ، وتاج العروس (عزز) ، (ضنك) ، (هتل) ، وبلا نسبة فى تهذيب اللغة ١ / ٨٣ ، ولسان العرب (عزز).
(٣) الرجز للعجاج فى ملحق ديوانه ٢ / ٣٢٠ ، ولسان العرب (دهنج) ، (قيل) ، وأمالى القالى ـ