باب فى اتفاق المصاير ، على اختلاف المصادر
من ذلك اسم الفاعل والمفعول فى (افتعل) ممّا عينه معتلّة ، أو ما فيه تضعيف.
فالمعتلّ نحو قولك : اختار فهو مختار ، واختير فهو مختار : الفاعل والمفعول واحد لفظا ، غير أنهما مختلفان تقديرا ؛ ألا ترى أن أصل الفاعل (مختير) بكسر العين ، وأصل المفعول (مختير) بفتحها. وكذلك هذا رجل معتاد للخير ، وهذا أمر معتاد ، وهذا فرس مقتاد ، إذا قاده صاحبه ، والصاحب مقتاد له.
وأمّا المدغم فنحو قولك : أنا معتدّ لك بكذا وكذا ، وهذا أمر معتدّ به. فأصل الفاعل (معتدد) كمقتطع ، وأصل المفعول (معتدد) كمقتطع. ومثله هذا فرس مستنّ ، لنشاطه ، وهذا مكان مستنّ فيه ، إذا استنّت فيه الخيل ؛ ومنه قولهم (استنّت الفصال حتى القرعى) (١).
وكذلك افعلّ وافعالّ من المضاعف أيضا ؛ نحو هذا بسر محمرّ ومحمارّ ، وهذا وقت محمرّ فيه ، ومحمارّ فيه. فأصل الفاعل محمرر ، ومحمارر مكسور العين ؛ وأصل المفعول محمرر فيه ومحمارر فيه مفتوحها.
وليس كذلك اسم الفاعل والمفعول فى افعلّ وافعال (إذا ضعّف فيه حرفا علّة) بل ينفصل فيه اسم الفاعل من اسم المفعول عندنا. وذلك قولك : هذا رجل مرعو ، وأمر مرعوى إليه ، وهذا رجل مغزاو ، وهذا وقت مغزاوى فيه ؛ لكنه على مذهب الكوفيين لا فرق بينهما ؛ لأنهم يدغمون هذا النحو من مضاعف المعتلّ ، ويجرونه مجرى الصحيح ، فيقولون اغزاوّ ، يغزاوّ ، واغزوّ ، يغزوّ. واستشهد أبو الحسن على فساد مذهبهم بقول العرب : ارعوى. قال ولم يقولوا : ارعوّ. ومثله من كلامهم قول يزيد بن الحكم ـ أنشدنيه أبو على وقرأته فى القصيدة عليه ـ :
__________________
(١) أى جرت الفصال مرحا حتى القرعى منهما ، وهى تنزو تشبها بالصحاح. وهو مثل يضرب للرجل يدخل نفسه فى قوم ليس منهم.