وقال :
* نزع الحزوّر بالرشاء المحصد (١) *
وكأنهم زادوا الواو وشدّدوها لتشديد معنى القوّة ؛ كما قالوا للسيّئ الخلق : عذوّر ، فضاعفوا الواو الزائدة لذلك ؛ قال.
إذا نزل الأضياف كان عذوّرا |
|
على الحىّ حتى تستقلّ مراجله (٢) |
ومنه رجل كروّس ؛ للصلب الرأس ، وسفر عطوّد ؛ للشديد ؛ قال :
إذا جشمن قذفا عطوّدا |
|
رمين بالطّرف مداه الأبعدا (٣) |
ومثل الأول : قولهم : غلام رطل وجارية رطلة للينها وهو من قولهم رطّل شعره إذا أطاله فاسترخى ومنه عندى الرطل الذى يوزن به. وذلك أن الغرض فى الأوزان أن تميل أبدا إلى أن يعادلها الموزون بها. ولهذا قيل لها : مثاقيل فهى مفاعيل من الثّقل ، والشىء إذا ثقل استرسل وارجحنّ ، فكان ضدّ الطائش الخفيف.
فهذا ونحوه من خصائص هذه اللغة الشريفة اللطيفة. وإنما يسمع الناس هذه الألفاظ فتكون الفائدة عندهم منها إنما هى علم معنيّاتها. فأمّا كيف ، ومن أين فهو ما نحن عليه. وأحج به أن يكون عند كثير منهم نيّفا لا يحتاج إليه ، وفضلا غيره أولى منه.
ومن ذلك أيضا قالوا : ناقة ؛ كما قالوا : جمل. وقالوا (ما بها) دبيّج ؛ كما قالوا : تناسل عليه الوشاء (٤). والتقاء معانيهما أن الناقة كانت عندهم مما يتحسّنون به ويتباهون بملكه ، فهى (فعلة) من قولهم : تنوّقت فى الشىء إذا أحكمته
__________________
(١) عجز بيت من الكامل ، وهو للنابغة الذبيانى فى ديوانه ص ٩٧ ، ولسان العرب (حزر) ، وتهذيب اللغة ٤ / ٣٥٧ ، وتاج العروس (حزر) ، (حصف).
(٢) البيت من الطويل ، وهو لزينب بنت الطثرية فى لسان العرب (عذر) ، والتنبيه والإيضاح ٢ / ١٦٧ ، وجمهرة اللغة ص ٦٢ ، وتاج العروس (عذر) ، وبلا نسبة فى لسان العرب (ضيف) ، (عدل) ، وأساس البلاغة (عذر) ، ومقاييس اللغة ٤ / ٢٥٦ ، ومجمل اللغة ٣ / ٤٦١.
(٣) يصف إبلا. ويريد بالقذف : الفلاة البعيدة.
(٤) الوشاء : هو فى الأصل كثرة المال أى الإبل والنعم. ويراد به هنا المال نفسه.