فإن قلت : فإنّ الشاة من قولهم : رجل أشوه ، وامرأة شوهاء ؛ للقبيحين. وهذا ضدّ الأول ؛ ففيه جوابان : أحدهما أن تكون الشاة جرت مجرى القلب لدفع العين عنها لحسها ؛ كما يقال فى استحسان الشىء : قاتله الله ؛ كقوله :
رمى الله فى عينى بثينة بالقذى |
|
وفى الشنب من أنيابها بالقوادح (١) |
وهو كثير. والآخر أن يكون من باب السلب ؛ كأنه سلب القبح منها ؛ كما قيل للحرم : نالة. ولخشبة الصرار تودية (٢) ؛ ولجوّ السماء السّكاك.
ومنه تحوّب وتأثّم ؛ أى ترك الحوب والإثم.
وهو باب واسع ؛ وقد كتبنا منه فى هذا الكتاب ما ستراه بإذن الله تعالى. وأهل اللغة يسمعون هذا فيرونه ساذجا غفلا ، ولا يحسنون لما نحن فيه من حديثه فرعا ولا أصلا.
ومن ذلك قولهم : الفضّة ؛ سمّيت بذلك لانفضاض أجزائها ، وتفرّقها فى تراب معدنها ، كذا أصلها وإن كانت فيما بعد قد تصفّى وتهدّب وتسبك. وقيل لها فضّة ، كما قيل لها لجين. وذلك لأنها ما دامت فى تراب معدنها فهى ملتزقة (فى التراب) متلجّنة به ؛ قال الشمّاخ :
وماء قد وردت أميم طام |
|
عليه الطير كالورق اللجين (٣) |
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو لجميل بثينة فى ديوانه ص ٥٣ ، والأغانى ٨ / ١٠٤ ، وأمالى المرتضى ٢ / ١٥٧ ، وخزانة الأدب ٥ / ٢١٧ ، ٢١٩ ، ٦ / ٣٩٨ ، ٤٠٠ ، ٤٠٣ ، وسمط اللآلى ص ٧٣٦ ، ولسان العرب (نيب) ، (قدح) ، (عين) ، وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ٥٠٤. الشنب : جمع أشنب ؛ من الشنب وهو رقة الأسنان وعذوبتها. والقوادح جمع القادح ، وهو السواد يظهر فى الأسنان.
(٢) هى خشبة تشد على أطباء الناقة لئلا يرضعها الفصيل. وكأنه يريد من بنائها على السلب أن الغرض من التودية منع الودى ، وهو السيلان يقال ودى : سال ، أى أن التودية تحول دون ودى اللبن.
(٣) البيت من الوافر ، وهو للشماخ ، فى ديوانه ص ٣٢٠ ، ولسان العرب (لجن) ، وتهذيب اللغة ١١ / ٨٠ ، والمخصص ١٠ / ٢٢٤ ، وأساس البلاغة (لجن) ، وتاج العروس (لجن) ، وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ٤٩٢ ، ومجمل اللغة ٤ / ٢٦٧ ، ومقاييس اللغة ٥ / ٢٣٥ ، وديوان الأدب ١ / ٤٢٤.