باب فى خلع الأدلة (١)
من ذلك حكاية يونس قول العرب : ضرب من منا ، أى إنسان إنسانا ، أو رجل رجلا ؛ أفلا تراه كيف جرّد (من) من الاستفهام ؛ ولذلك أعربها.
ونحوه قولهم فى الخبر : مررت برجل أىّ رجل. فجرّد (أيّا) من الاستفهام أيضا. وعليه بيت الكتاب :
* والدهر أيّتما حال دهارير (٢) *
أى [والدهر] فى كلّ وقت وعلى كلّ حال ، دهارير ، أى متلوّن ومتقلّب بأهله.
وأنشدنا أبو علىّ :
وأسماء ما أسماء ليلة أدلجت |
|
إلىّ وأصحابى بأىّ وأينما (٣) |
قال : فجرّد (أىّ) من الاستفهام ، ومنعها الصرف ؛ لما فيها من التعريف والتأنيث. وذلك أنه وضعها علما على الجهة التى حلّتها.
فأمّا قوله : (وأينما) فكذلك أيضا ؛ غير أن لك فى (أينما) وجهين : أحدهما أن تكون الفتحة هى التى تكون فى موضع (جرّ ما) لا ينصرف ، لأنه جعله علما للبقعة أيضا ، فاجتمع فيه التعريف والتأنيث ، وجعل (ما) زائدة بعدها للتوكيد.
__________________
(١) يراد بالأدلة أعلام المعانى فى العربية. فالهمزة دليل الاستفهام ، وإن دليل الشرط ، وهكذا. ويراد بالمعانى : المعانى التى تحدث فى الكلام من خبر واستخبار ونحو ذلك. وخلع الأدلة : تجريدها من المعانى المعروفة لها والمتبادرة فيها وإرادة معان أخر لها ، أو تجريدها من بعض معانيها. ومن أمثلة ذلك فى نداء لفظ الجلالة (يا الله) خلعت ال عن التعريف وإنما قصر بها التعويض عن الفاء المحذوفة إذ أصل (الله) الإله. انظر المغنى فى مبحث اللام المفردة.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) البيت من الطويل ، وهو لحميد بن ثور فى ديوانه ص ٧ (الحاشية) ، ولسان العرب (أين) ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٢ / ٢٣٩ ، ولسان العرب (منن) ، (أيا). ويروى : أولجت بدلا من أدلجت.