باب القول على النحو
هو انتحاء سمت كلام العرب ، فى تصرفه من إعراب وغيره ؛ كالتثنية ، والجمع ، والتحقير (١) ، والتكسير والإضافة ، والنسب ، والتركيب ، وغير ذلك ، ليلحق من ليس من أهل اللغة العربية بأهلها فى الفصاحة ، فينطق بها وإن لم يكن منهم ؛ وإن شذّ بعضهم عنها ردّ به إليها. وهو فى الأصل مصدر شائع (٢) ، أى نحوت نحوا ، كقولك : قصدت قصدا ، ثم خصّ به انتحاء هذا القبيل من العلم ، كما أنّ الفقه فى الأصل مصدر فقهت الشىء أى عرفته ، ثم خصّ به علم الشريعة من التحليل والتحريم ؛ وكما أن بيت الله خصّ به الكعبة ، وإن كانت البيوت كلّها لله. وله نظائر فى قصر ما كان شائعا فى جنسه على أحد أنواعه. وقد استعملته العرب ظرفا ، وأصله المصدر.
أنشد أبو الحسن :
ترمى الأماعيز بمجمرات |
|
بأرجل روح مجنّبات |
يحدو بها كلّ فتى هيّات |
|
وهنّ نحو البيت عامدات (٣) |
__________________
(١) أى التصغير.
(٢) أى دلالته ليست قاصرة على انتحاء قواعد النحو بل على مطلق الانتحاء.
(٣) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (هيت) ، (نحا) ، (وحى) ، والمحتسب ١ / ٣١٧ ، والمقاصد النحوية ١ / ١٢٤ ، وأساس البلاغة (هيت) ، وتاج العروس (وحى). وقبل الشطر الثانى فى البيت الثانى :
* تلقاه بعد الوهن ذا وحاة*
الأماعيز جمع أمعز ، والأمعز والمعزاء : الأرض الحزنة الغليظة ذات الحجارة ، والجمع الأماعز والمعز ، ولكن الشاعر أضاف الياء فى الأماعيز للوزن. والمجمرات : خفاف صلبة ، من قولهم : خفّ مجمر. وروح : جمع روحاء ، من قولهم : رجل روحاء إذا كان فى القدم انبساط واتساع. وقوله : (مجنبات) ورد فى بعض النسخ : (محنبات) بالحاء المهملة. وتجنيب الرجل ما فيها من انحناء وتوقير ، وكذا التحنيب أيضا ، والكلام فى وصف إبل. وهيّات : مبالغة من قولهم :هيّت بالرجل ، وهوّت به : صوت به وصاح ، ودعاه ، والتهييت الصوت بالناس. اللسان «هيت» والمقصود أنه يصيح بها ويقول : هيت هيت أى : أقبلى.