تقول : «هؤلاء ما فعلت العشرون الدرهم» وعليه أكثر الكتاب ، والقياس ما ذكرت لك ، وقد جاء في كلام العرب ما ركب من اسمين جعلا اسما واحدا ، ثم عرف فأدخلت الألف واللام في أوله ، وذلك قول ابن أحمر ، أنشده سيبويه والفراء والأصمعي والجماعة : [الوافر]
٤٠٨ ـ تفقّأ فوقه القلع السّواري |
|
وجنّ الخازباز به جنونا |
فأدخلوا الألف واللام في صدر الاسم ثم لم يعيدوهما.
المسألة الخامسة
قولك : «هذا عشرون درهما نصفين أو نصفان»؟ وما الوجه في ذلك؟ الوجه في نصفين الرفع لأنهما صفة للعشرين ، وليس ما يميز جنس العشرين من سائر الأجناس ، والنصب بعد ذلك جائز على التمييز ، والرفع أجود.
المسألة السادسة
قوله : ما العلة في تأنيث قوله عزّ وجلّ : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) [الأنعام : ١٦٠]؟ اعلم أنّ هذه الآية تقرأ على وجهين : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) بتنوين عشر ورفع الأمثال صفة للعشر ، وجعلوا العشر حسنات ، فلذلك أنّثوا لأنّ ذكر الحسنة قد جرى متصلا بالعشر ، فلا لبس في ذلك ، وتقرأ : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) بترك التنوين وخفض الأمثال ، والمثل مذكر ، ولكنّه أنّث حملا على المعنى لأنّ الأمثال حسنات ، والأصل : فله عشر حسنات أمثالها ، ومثله ممّا أنّث حملا على المعنى ـ واللفظ مذكر ـ قول ابن أبي ربيعة (٢) : [الطويل]
فكان مجنّي دون من كنت أتّقي |
|
ثلاث شخوص كاعبان ومعصر |
فأنّث والشخص مذكر لأنّه أراد نساء وفسّر ذلك بقوله : كاعبان ومعصر ، ومثله قول الأعور بن البراء الكلابي (٣) : [الطويل]
__________________
٤٠٨ ـ الشاهد لابن أحمر في ديوانه (ص ١٥٩) ، وإصلاح المنطق (ص ٤٤) ، وجمهرة اللغة (ص ٢٨٩) ، والحيوان (٣ / ١٠٩) ، وخزانة الأدب (٦ / ٤٤٢) ، وشرح شواهد الإيضاح (ص ٣٠٥) ، وشرح المفصّل (٤ / ١٢١) ، ولسان العرب (فقأ) ، و (خوز) ، و (قلع) ، و (جنن) ، وبلا نسبة في فقه اللغة للصاحبي (ص ١٤٣) ، ولسان العرب (أين) ، وما ينصرف وما لا ينصرف (ص ١٠٧).
(١) مرّ الشاهد رقم (١٣١).
(٢) مرّ الشاهد رقم (١٣٢).